وذلك أنه قال ليلةَ الإسراء: يا رب، اصطفيتَ آدم، وسلمت على نوح، ورفعتَ إدريس، وكلمتَ موسى، فقال له: (ألم يَجِدْكَ يتيما فاَوَى) .
. .) ، إلى آخر ألم نشرح.
وهذا الاستفهام على ذكر المنة والتسلية بما أعطاه الله وفَضّله على سائر
الرسل، هذا ما أعطاه الله في الدنيا والآخرة وأعظمها قوله: (ولسوف يُعْطِيكَ رَبُّكَ فتَرْضَى) ، ففي إبهام هذا العطاء ما لا يُوصف.
(يَوْمَا عَبوساً) .
قد قدمنا أنه عبوس على الكافر، لأنه يعبس يومئذ حتى يسيلَ الدم من عينيه، مثل القطران، وأما المؤمنُ فيسرّ بما يلْقَى من الرحمة الخاصة به، جعلنا الله منهم.
(يا ليتني كنْتُ تُرَاباً) .
هذا من قول الكافر لما يرى مِنَ اقتصاص البهائم بعضها من بعض، ثم ترجع تراباً فيقوله ليسلم من العذاب كما سلمتِ الحيوانات، وأنّى له ذلك! وقيل المرادُ به إبليس، لأنه احتقر الترابَ في قوله: (خلَقْتَنِي من نارٍ وخلقْتَهُ من طين) ، فيتمنى حينئذ أن يكونَ مثل آدم وأولاده لما رأى ما أنعم الله على المؤمنين منهم.
(يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7) .
العامل في " يوم " محذوف، وهو الجوابُ المقدر، تقديره لتبعثن يوم تَرْجُف الراجفة.
وإن جعلنا (يَوْمَ تَرْجُفُ) الجواب فالعاملُ في يوم معنى قوله: (قلوبٌ يومئذ وَاجِفة) ، أي شديدة الاضطراب كما قدمنا في حرف الواو، ويكون
(تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) في موضع الحال.
ويحتمل أن يكون العاملُ فيه (تَتْبَعُهَا) ، وقد قدمنا أن هذين الاسمين من أسماء
القيامة، فقيل الراجفة النفخة الأولى في الصّور، والرادفة الثانية لأنها تتبعها.
وبينهما أربعون عاماً.
وقد قدمنا في حرف الثاء أنَّ الراجفةَ الأرض، والرادفة السماء، لأنها تنشقّ يومئذ.
وقيل الراجفة الموت، والرادفة القيامة.
وقد قدمنا أنَّ