واسطة بين الحقيقة والمجاز، قال: لأنه لم يوضع فيما استعمل فيه، فليس حقيقة، ولا علاقة معتبرة، فليس مجازًا، كذا في شرح بديعية ابن جابر لرفيقه.
قلت: والذي يظهر أنها مجاز، والعلاقة المصاحبة.
خاتمةلهم مجاز المجاز، وهو أن يُجْعل المجاز المأخوذ عن الحقيقة بمثابة الحقيقة
بالنسبة إلى مجاز آخر، فيتجوّز بالمجاز الأول عن الثاني لعلاقة بينهما، كقوله
تعالى: (وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا) ، فإنه مجاز عن مجاز، فإن الْوَطْء تجوز عنه بالسر، لكونه لا يقع غالبا إلا في السر، وتجوز به عن العقد، لأنه مسبب عنه، فالمصحح للمجاز الأول الملازمة والثاني السببية.
والمعنى لا تواعدوهن عقد نكاح.
وكذا قوله: (ومَنْ يكفر بالإيمانِ فقد حَبِطَ عَمَله) ، فإن قول: (لا إله إلا الله) مجاز عن تصديق القلب بمدلول هذا اللفظ، والعلاقة السببية، لأن توحيد اللسان مسبب عن توحيد الجنان، والتعبير بلا إله إلا الله
عن الوحدانية من مجاز التعبير بالقول عن المقول فيه.
وجعل منه ابن السيد قوله: (أنزلنا عليكم لِبَاساً) ، فإن المنزل عليهم ليس هو نفس اللباس، بل الماء المنبت للزرع المتخذ منه الغزل المنسوج منه اللباس.
*******
الوجه الرابع والعشرون من وجوه إعجازه (تشبيهه واستعاراته وهو من أشرف أنواع البلاغة وأعلاها)قال المبرد في الكامل: لو قال قائل هو أكثر كلام العرب لم يبعد.
وقد أفرد تشبيهات القرآن بالتصنيف أبو القاسم بن البندار البغدادي في كتاب سماه " الجمان ".
وعرفه جماعة منهم السكاكي بأنه الدلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى.