الانبساط ومشابهة ضوء النار لبياض الشيب، وكل ذلك محسوس.
وهو أبلغُ مما لو قيل: اشتعل شيب الرأس، لإفادته عموم الشيب لجميع الرأس.
ومثله: (وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) .
أصل الموج حركة الماء، فاستعمل في حركتهم على سبيل الاستعارة.
والجامع سرعة الاضطراب وتتابعه من الكثرة.
(وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) ، استعير خروج النفَس شيئاً فشيئا لخروج النور من المشرق عند انشقاق الفجر قليلا قليلا، بجامع التتابع على طريق التدريج.
وكل ذلك محسوس.
الثاني: استعار محسوس لمحسوس بوجه عقلي، قال ابن أبي الإصبع: وهي
ألطف من الأولى، نحو: (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ) .
فالمستعار منه السلخ الذي هو كشط الجلد عن الشاة، والمستعار له كشف الضوء عن مكان الليل، وهما حسيان، والجامع ما يعقل من ترتب أمر على آخر وحصوله عقب حصوله، كترتب ظهور اللحم على الكشط، وظهور الظلمة على كشف الضوء عن مكان الليل.
والترتب أمر عقلي.
ومثله: (فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ) .
أصل الحصيد النبات، والجامع الهلاك، وهو أمر عقلي.
الثالث: استعارة معقول لمعقول بوجه عقلي.
قال ابن أبي الإصبع: وهي ألطف الاستعارات، نحو: (مَنْ بعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) .
المستعار منه الرقاد، أي النوم، والمستعار له الموت، والجامع عدم ظهور الفعل، والكل عقلي.
ومثله: (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ) .
والمستعار السكوت، والمستعار منه الساكت، والمستعار له الغضب.
الرابع: استعارة محسوس لمعقول بوجه عقلي أيضاً، نحو: (مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ) .
استعير المس، وهو حقيقة في الأجسام، وهو محسوس، لمقاساة الشدة، والجامع اللحوق، وها عقليان.
(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ) .
فالقذف والدمْغ مستعاران، وها محسوسان.