إن التقدير: بل ليحسبنا قادرين، لأن الحسبان المذكور بمعنى الظن، والمقدر بمعنى العلم، إذ التردد في الإعادة كفر، فلا يكون مأمورا به.
قال: والصواب فيها قول سيبويه: إن (قادرين) حال، أي بلى نجمعها
"قادرين" لأن فعل الجمع أقرب من فعل الحسبان، ولأن (بلى) لإيجاب المنفي، وهو فيها فعل الجمع.
الشرط الثاني: ألا يكون المحذوف كالجزء، ومن ثم لم يحذف الفاعل ولا
نائبه، ولا اسم كان وأخواتها.
قال ابن هشام: وأما قول ابن عطية في: (بئس مَثَلُ القوم) .
إن التقدير بئس المثل مثل القوم.
فإن أراد هذا الإعراب، وأن الفاعل لفظ المثل محذوفاً فمردود، وإن أراد تفسير المعنى وأن في بئس ضمير المثل مستتر فسهل.
الثالث: ألا يكون مؤكداً، لأن الحذف مناف للتأكيد، إذ الحذف مبني على
الاختصار والتأكيد مبني على الطول، ومن ثم رد الفارسي على الزجاج في قوله: (إنْ هَذَانِ لساحِرَان) - إن التقدير: إن هذان لهما ساحران.
فقال: الحذف والتوكيد باللام متنافيان.
وأما حذف الشيء لدليل وتوكيده فلا تنافي بينهما، لأن المحذوف لدليل كالثابت.
الرابع: ألا يؤدي حذفه إلى اختصار المختصر، ومن ثم لم يُحذف اسم الفعل
لأنه اختصار للفعل.
الخامس: ألا يكون عاملاً ضعيفاً، فلا يحذف الجار والناصب للفعل والجازم
إلا في مواضع قَوِيت فيها الدلالة، وكثر فيها استعمال تلك العوامل.
السادس: ألا يكون عوضاً عن شيء، ومن ثم قال ابن مالك: إن حرف
النداء ليس عوضاً من أدعو، لإجازة العرب حذفه، ولذا أيضاً لم تحذف التاء من إقامة واستقامة.
وأما: (وإقامَ الصلاة) ، فلا يقاس عليه، ولا خبر كان، لأنه عوض أو كالعوض من مصدرها.