وعن الخليل - في قوله: (فجَاسوا خِلاَلَ الديار) .
أنه أريد فحاسوا، فقامت الجيم مقام الحاء، وقد قرىء بالحاء أيضاً.
وجعل منه الفارسي: (إنيْ أحبَبْتُ حُبَّ الخير) ، أي الخيل.
وجعل منه أبو عبيدة: (إلاّ مُكاءً وتَصْدِية) .، أي تصددة.
تاكيد المدح بما يشبه الذمقال ابن أبي الإصبع: هو في غاية العِزَّة في القرآن.
قال: ولم أجد منه إلا آية واحدة، وهي قوله: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ) .
فإن الاستثناء بعد الاستفهام الخارج مخرج التوبيخ على ما عابوا به المؤمنين من الإيمان - يوهم أن ما يأتي بعده مما يوجب أن ينقم على فاعله، مما يُذَم به، فلما أتى بعد الاستثناء ما يوجب مَدْحَ فاعله كان الكلام
متضمنا تأكيد المدح بما يشبه الذم.
قلت: ونظيرها قوله: (وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ) .
وقوله: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) .
فإن ظاهر الاستثناء أن ما بعده حق يقتضي الإخراج.
فلما كان صفةَ مدح تقتضي الإكرام لا الإخراج كان تأكيداً للمدح بما يشبه
الذم.
وجعل منه التنوخي في الأقصى القريب: (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26) .
استثنى (سَلَامًا سَلَامًا) الذي هو ضد اللغو والتأثيم، فكان ذلك مؤكداً لانتفاء اللغو والتأثيم.