من الاضطراب، ثم ختم بالدعاء على الظالمين، لإفادة أن الغرق وإن علم الأرض فلم يشمل إلا من استحق العذاب لظلمه.
عتاب المرء نفسهومنه: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) .
وقوله: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) .
العكسهو أن يُؤْتى بكلام يقدَّم فيه جزء ويؤخَّر آخر، ثم يقدم المؤخر ويؤخر
المقدم، كقوله تعالى: (مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ) .
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ) .
(وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) .
(هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) .
(لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) .
وقد سئل عن الحكمة في عكس هذا اللفظ، فأجاب ابن المنيِّر بأن فائدته
الإشارة إلى أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة.
وقال الشيخ بدر الدين بن الصاحب: الحقُّ أن كل واحد من فعل المؤمنة
والكافر منفيّ عنه الحل، أما فعل المؤمنة فيحرم لأنها مخاطبة، وأما فعل الكافر
فنفي عنه الحل باعتبار أن هذا الوطء مشتمل على المفسدة، فليس الكفار مورد الخطاب، بل الأئمة، ومن قام مقامهم مخاطبون بمنع ذلك، لأن الشرع أمر بإخلاء الوجود من المفاسد، فاتضح أن المؤمنة نفي عنها الحل باعتبارٍ، والكافر نفي عنه الحل باعتبارٍ.
قال ابن أبي الإصبع: ومن غريب أسلوب هذا النوع: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124) وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا) .