واختلف على مَنْ يعود الضمير، فقيل على أبي جهل.
وقيل على العموم، وهو الأظهر.
(انشزوا) ، معناه ارتفعوا عن مواضعكم حتى تُوَسِّعوا لغيركم
واختلف في هذا النشوز الأمور به، فقيل إذا دعوا إلى قتال أو صلاةٍ أو
فعلِ طاعةٍ.
وقيل: إذا أمروا بالقيام من مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأنه كان يحب الانفراد أحياناً، وربما جلس قومٌ حتى يُؤمَروا بالقيام.
وقيل المراد القيام في المجلس للتوسع.
(استحوذ) ، أي غلب عليهم الشيطان وتملّك نفوسهم.
واستحوذ مما خرج على الأصل ولم يُعَلّ.
ومثله اسْتَرْوَح، واستَنوَق الجمل، واستَصْوَب رأيه.
(اسعوا) : امضوا إلى ذِكْر الله بالهيئة والجدّ، ولم يرد الغدو والإسراع.
للحديث: لا تَأتُوا الصلاة وأنتم تسعون وأتوها وعليكم السكينة والوقار.
وأمر في هذه الآية بالسعي إلى الجمعة، وذلك عند جلوس الإمام على المنبر
وأخذ المؤذنين في الأذان.
(وائتمروا) خطاب للرجال والنساء.
والمعنى أن يأمرَ كلُّ واحد صاحبَه بخير، من المسامحة، والرِّفق، والإحسان.
وقيل: معنى ائتمروا تشاوروا.
ومنه: (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ) .
(استَغشَوْا ثيابَهم) : جعلوها غشاوة عليهم لئلا يسمعوا كلامه
ولئلا يراهم.
ويحتمل أنهم فعلوا ذلك حقيقة، أو يكون عبارة عن إفراط إعراضهم.
فانظر نصْحَه صلى الله على نبينا وعليه وسلم، ذكر أولاً أنه دعاهم
بالليل والنهار، ثم ذكر أنه دعاهم جهاراً، ثم ذكر أنه جمع بين الجَهْر والإسرار، وهذه غايةُ الجد في النصيحة، وتبليغ الرسالة.