الثاني: ذكر أبو زيد أنَ أمْ تقع زائدة، وخرج عليه قوله تعالى: (أفلا
تُبْصِرُون أَم أنَا خَيْرٌ) ، قال: التقدير: أفلا تبصرون أنا خير.
***
(أمَّا) - بالفتح والتشديد - حرف شرط وتفصيل وتوكيد، أما كونها
شرطاً فبدليل لزوم الفاء بعدها، نحو: (فأمَّا الذين آمنوا وعَمِلُوا الصالحات
فيوفِّيهم أجورَهم) .
(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا) .
وأما قوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ) ، - فعلى تقدير القول، أي فيُقال لهم أَكفرتم، فحذف القول استغناء عنه بالمقول، فتبعته الفاء في الحذف.
وكذا قوله: (وأما الّذِين كفروا أفَلَمْ تكنْ آياتي) .
وأما التفصيل فهو غالب أحوالها، كما تقدم، وكقوله: (أمَّا السفينةُ فكانت
لمسَاكينَ) .
(وأما الغلامُ فكان) .
(وأما الجِدَار فكان) .
وقد يُتْرَكُ تكريرها استغناءً بأحد القسمين عن الآخرين، وقد تقدم في
أنواع الحذف.
وأما التوكيد، فقال الزمخشري: فائدة أما في الكلام أنْ تُعطيه فضْلَ توكيد.
تقول: زيد ذاهب، فإذا قصدت توكيد ذلك، وأنه لا محالة ذاهب، وأنه بصدد الذهاب، وأنه منه عزيمة قلت: أما زيد فذاهب، ولذلك قال سيبويه في تفسيرها: مهما يكن من شيء فزيد ذاهب.
ويفصَل بين أمّا والفاء إما بمبتدأ كالآيات السابقة، أو خبر، نحو: أما في
الدار فزيد، أو جملة شرط، نحو: (فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ) ، الآيات.
أو اسم منصوب بالجواب، نحو: (فأمَّا اليَتِيمَ فلا تَقْهَر) .
أو اسم معمول لمحذوف يفسِّرُه ما بعد الفاء، نحو:
(وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ) - في قراءة بعضهم بالنصب.