(تلِين جلودهم) ، أي تميل وتطمئن إلى ذكر الله.
فإن قيل: كيف يتعدَّى تلين بإلى؟
فالجواب أنه تضمَّن معنى فِعْلٍ يتعدى بإلى، كأنه قال: تسكن قلوبهم إلى
ذكر الله.
فإن قيل: لِمَ ذَكَر الْجلود أولاً وحدها، ثم ذكر " قلوبهم " بعد ذلك معها؟
فالجواب أنه لما قال أولاً (تقشعر) ذكر الجلود وحدها، لأن القَشْعريرة من
وصف الجلود لا من وصف غيرها.
ولما قال ثانياً، (تلين) ، ذكر الجلود والقلوب.
لأن اللين توصف به القلوب والجلود.
أما لين القلوب فهو ضد قسوتها، وأما لين الجلود فهو ضد قشعريرتها، فاقشعرتْ أولاً من الخوف، ثم لانت بالرجاء.
(تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ) : أي تصرّفهم فيها للتجارة.
وفي هذا تسلية له - صلى الله عليه وسلم -، كأَنه قال له: لا يحزنك يا محمد تصرّفهم وأمْنهم وخروجهم من
بلد إلى بلد، فإن الله محيط بهم قادر عليهم.
(تَخْتَصمون) : يعتي الاختصام في الدماء.
وقيل في الحقوق.
والأظهر أنه اختصام النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الكفار في تكذيبهم له، فيكون مِنْ تمام ما قبله.
ويحتمل أن يكون على العموم في اختصام الخلائق فيما بينهم من التظالم
وغيرها.
ولما نزلت قال بعض الصحابة: أوَ تعاد علينا الخصومة يوم القيامة.
قال: نعم، حتى يُقَادَ للشاة الْجَلحَاء من الشاة القَرْنَاء.
(تلاق) : اللقاء، ومنه: (لينذرَ يوم التّلاَق) .
والمراد به يوم القيامة.
وسمِّي بذلك لأن الخلائق يلتقون فيه.
وقيل: لأنه يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض.
وقيل: لأنه يلتقي الخَلْق مع ربهم.
والفاعل بينذر ضمير
يعود على من يشاء، أو على الروح، أو على الله.
(تَنَاد) ، بالتشديد - من نَدّ البعير إذا مضى على وجهه.
وبالتخفيف من التنادي، وهو يوم يَتَنَادَى فيه أهل الجنة وأهل النار: أن قد
وجَدْنا ما وعدنا ربّنَا حقّا.
وأن أفيضوا علينا من الماء.