قال تعالى: (كلتا الجنَّتين آتتْ أكلها) ، (أحدهما أو كلاَهما) .
(كَلّا) : مركب عند ثعلب من كاف التشبيه ولا النافية، شددت لامُها
لتقوية المعنى، ولدفع توهّم بقاء معنى الكلمتين.
وقال غيره: بسيطة، فقال سيبويه والأكثرون: حرف معناه الردع والزجر، لا معنى لها عندهم إلا ذلك، حتى إنهم أبداً يجيزون الوقْفَ عليها والابتداء بما
بعدها، وحتى قال جماعة منهم: متى سمعتَ (كَلاَّ) في سورة فاح
كم بأنها
مكية، لأن فيها معنى التهديد والوعيد.
وأكثر ما نزل ذلك بمكة، لأن أكثر العتوّ كان بها.
قال ابن هشام: وفيه نظر، لأنه لا يظهر معنى للزجر في نحو: (ما شاء
رَكّبَك. كَلّا) ، (يوم يَقوم الناس لربّ العالمين، كَلَا) .
(ثم إنَّ علينا بَيَانَه كلا) .
وقولهم: انْتَهِ عن تَرْكِ الإيمان بالتصوير في أيّ صورة ما شاء الله، وبالبعث، وعن العجلة بالقرآن تَعسّف، إذ لم يتقدم في الأوليين حكاية نَفْي ذلك عن أحد، ولطول الفصل في الثالثة بين كلا، وذكر العجلة.
وأيضاً فإن أول ما نزل خمس آيات من أول
سورة العَلَق، ثم نزل: (إنَّ الإنسان ليَطْغَى) ، فجاءت في افتتاح
الكلام.
ورأى آخرون أن معنى الرّدعْ والزجر ليس مستمرًّا فيها، فزادوا معنى ثانياً
يصح عليه أن يوقف دونها، ويبتدأ بها.
ثم اختلفوا في تعيين ذلك المعنى.
قال الكسائي: تكون بمعنى حقا.
وقال أبو حاتم: بمعنى ألاَ الاستفتاحية.
وقال النَّضْر ابن شُميل: حرف جواب بمنزلة أي ونعم، وحملوا عليه: (كَلاَّ والقمر. واللَّيل إذا أدْبر) .
وقال الفراء وابن سعدان: بمعنى سوف، حكاه أبو حيان في تذكرته.
قال مكي: وإذا كانت بمعنى حقاً فهي اسم.
وقرِئ: (كَلاًّ سيَكفرونَ بعبادتهم) ، بالتنوين.
ووجِّه بأنه مصدر كَلَّ إذا