الخامسة: أن يكلمه الله إما في اليقظة - كما في ليلة الإسراء، أو في النوم.
كما في حديث معاذ: أتاني ربي، فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى
... الحديث.
وليس في القرآن من هذا النوع شيء فيما أعلم، نعم، يمكن أن يعد منه آخر سورة البقرة لما تقدم، وبعض سورة الضحى، و (ألم نشرح) ، فقد أخرج ابن أبي حاتم من حديث عدي بن حاتم، قال، قال - صلى الله عليه وسلم -: " سألتُ ربي مسألة، ووددت أني لم أكن سألته، قلت: أي ربي، اتخذتَ إبراهيم خليلاً، وكلمتَ موسى تكليما.
فقال: يا محمد، ألم أجدك يتما فآويتك، وضالاً فهديتك، وعائلا فأغنيتك.
وشرحت لك صدرك، وحططت عنك وِزْرك، ورفعت لك ذكرك، ولا أُذكر إلاَّ ذُكرتَ معي ".
فوائد:
الأولى: أخرج الإمام أحمد في تاريخه، من طريق داود بن أبي هند، عن
الشعبي، قال: أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - النبوءة، وهو ابن أربعين سنة، فقرن بنبوءته إسرافيل ثلاث سنين، فكان يعلمه الكلمة والشيء، ولم ينزل عليه القرآن على لسانه.
فلما مضت ثلاث سنين قرن بنبوءته جبريل، فنزل عليه القرآن على لسانه
عشرين سنة.
قال ابن عسكر: والحكمة في توكيل إسرافيل به أنه الملك الموكل بالصُّور
الذي فيه هلاك الخلق وقيام الساعة، ونبوءته عليه الصلاة والسلام مؤذنة بقرْب الساعة وانقطاع الوحي، كما وُكل بذي القرنين رونيافل الذي يطوي الأرض، وبخالد بن سنان مالك خازن النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن سابط، قال: في أمّ الكتاب كل شيء هو كائن
إلى يوم القيامة، فوكل ثلاثة بحفظه من الملائكة، فوكل جبريل بالوحي.
والكتب إلى الأنبياء، وبالنصر عند الحروب، وبالمهلكات إذا أراد الله أن يهلك قوماً.
ووكل ميكائيل بالقَطْر والنبات، ووكل ملك الموت بقَبْض الأنفس، فإذا
كان يوم القيامة وعارضوا بين حفظه وبين ما كان في أم الكتاب فيجدونه سواء.