وخلّفوا أهلَ هذه الأعذار في بيوتهم، فكانوا يتجنّبون أكل مال الغائب، فنزلت في ذلك.
وقيل: إن الناس كانوا يتجنبّون الأكل معهم تقذَّرا، فنزلت الآية.
وهذا ضعيف، لأن رفع الحرج عن أهل الأعذار لا عن غيرهم.
والصواب أن يقال: إن الحرج مرفوع عن هؤلاء الثلاثة في كل ما يمنعهم منه
أعذارهم من الجهاد وغيره، ألا ترى أنه أباح الأكل للإنسان في هذه البيوت
المذكورة في الآية، من الآباء والأبناء والأخوات وغيرهم.
فإن قلت: إذا رفع الحرج عن هؤلاء فما معنى الآية: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) .
فالجواب: أنه اختلف في الخفيف والثقيل، من هو، على أقوال: فقيل الخفيف الغنيّ، والثقيل الفقير.
وقيل الخفيف الشاب والثقيل الشيخ.
وقيل الخفيف النشيط، والثقيل الكسلان.
وهذه الأقوال أمثلة في الثقل والخفّة.
وقيل: إن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: (ليس على الضّعَفَاء ولا عَلَى المرْضَى) .
وعلى كلِّ تقديرٍ فجائز لأصحاب الأعذار الغَزْو، وأجرهم فيه مضاعف، لأن الأعرج قد يكون أجرأ الناس بالصبر وألاَّ يفر.
وقد غزا ابن أمِّ مكتوم، وكان يمسك الراية في بعض حروب القادسية، وقد خرّج النسائي في بعض هذا المعنى.
وذكر ابن أم مكتوم رحمه الله.
(للفقراء) : هذا بدل من قوله (لذي القربى واليتامي
والمساكين وابن السبيل) ، ليبين أن المراد بذلك (المهاجرين) ، ووصفهم بأنهم أخرجوا من ديارهم وأموالهم، لأنهم هاجروا من
مكة وتركوا فيها ديارهم وأمْوالهم.
(لقد زَيّنّا السماء الدّنيا بِمَصابِيح) .
السماء الدنيا -: هي القريبة منا.
والمصابيح يراد بها النجوم، فإن كانت النجوم كلها في السماء الدنيا فلا
إشكال.
وإن كانت في غيرها من السماوات فقد زينت السماء الدنيا، لأنها ظاهرة
فيها لنا.