هذه الآية خطابٌ للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والمراد به كل مخاطب على الإطلاق، فدخل فيه غيره من الناس، وفيه تأويلان:
أحدهما: نسبة الحسنة إلى الله والسيئة إلى النفس تأدباً مع الله، وإن كان كل
شيء منه في الحقيقة، وهذا كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "والخير كلّه بيدك، والشرّ ليس إليك ".
وأيضاً فنسبة السيئة إلى العَبْدِ لأنها بسبب ذنوبه، لقوله تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) ، فإنها من العبد
بتسبّبه فيها، ومن الله بالخلقة والاختراع.
والثاني: أن هذا من كلام القوم المذكورين قبل.
والتقدير يقولون كذا، فمعناها كمعنى التي قبلها.
(ما قَد سلَف) ، المعنى إلا ما فعلتم من ذلك في الجاهلية
وانقطع بالإسلام، فقد عفا عنكم، ولا تؤاخذون به.
هذا في أرجح الأقوال.
(ما مَلكَتْ أيْمَانكم) : يريد السبايا في أشهر الأقوال.
والمعنى أن المرأة الكافرة إذا كان لها زَوْجٌ ثم سُبِيَتْ جاز لمن ملكها من المسلمين أن يطأها.
وسبب ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث جيشاً إلى أوْطاس فأصابوا سبياً من العدوّ، ولهنّ أزواج من المشركين، فتأثَّم المسلمون من غشيانهن، فنزلت الآية مبِيحةً لذلك.
(مُدخَلاً كَرِيما) : اسم مكان، وهو هنا الجنة.
(مَغَانم) ، ومَغْنم، وغنْم: ما أصيب من أمْوَال المحاربين.
وفي هذه الآية وَعْد وتزهيد في مال من أعلنوا الإسلام.
وأما المحاربون فقد أباح الله لهذه الأمة أخْذَها.
وهي من خصائص نبيهم عليه الصلاة والسلام.
(مَوْقوتاً) : أي محدوداً بالأوقات.
وقال ابن عباس: فرضاً مفروضاً.