وأجيب باحتمال أن تكون هذه الآية خاصة مدنية.
وقيل المراد الله تعالى، فهو الذي عنده علم الكتاب.
ويضعف هذا، لأنه عطف صفة على موصوف.
ويقوِّيه قراءة: ومِنْ عنده علم الكتاب بمن الجارّة وخَفْض عند.
(مَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) .
فيها دليل على أن واضع اللغة هوَ الله تعالى.
وفيها دليل على أن حصول العلم عقيب النظر عاديّ، وليس بعقلي، إذ لو كان عقلياً للزم من البيان الهداية.
ويحتمل عدم لزومه، لأن المخاطب قد لا ينظر النَّظَرَ الموصّل للعلم.
(ما لَنَا ألاَّ نتوكَّلَ عَلَى اللهِ) ، المعنى أيّ شيء يمنعنا من
التوكّل على الله وقد هدانا سبلنا.
فإن قلت: كيف جمعه وقد تقرر غير ما مرة أن طريق الهدى واحدة حسبما
أشار إليه الزمخشري في قوله: (وجعلَ الظلماتِ والنور) ؟
والجواب أنه على التوزيع، قال تعالى: (لكلٍّ جعلنا مِنْكمْ شِرْعَةً ومِنْهَاجاً) ، فلكل رسول طريق باعتبار شريعته وأحكامه.
فإن قلت: لم كرر الأمر بالتوكل؟
والجواب أن قوله: (وعلى الله فليتوكّلِ المؤْمنون) ، راجع إلى ما تقديم من طلب الكفَّار (بسلْطَان مبين) .
أي حجة ظاهرة، فتوكّل الرسل في ورودها على الله.
وأما قوله: (وعلى الله فليتوكل المتوكّلون) ، فهو راجع إلى
قولهم: (ولنَصْبِرَنّ على ما آذَيْتمونَا) ، أي نتوكل على الله في دفع أذاكم.
وقال الزمخشري: إن هذا الثاني بمعنى الثبوت على التوكل.
(ما هُوَ بميّت) : لا يراح بالموت، لأنه ذبح بين الجنة والنار.