والجواب إنما شبّه بها من حيث أنها لا تثبت، إذ ليس لها ساق، فالتشبيه في
اضمحلال العمل الخبيث وذهابه يوم القيامة ولا يبقى إلا العمل الصالح.
(مَنْ عَصَانِي فإنّكَ غَفُورٌ رَحِيم) :هو من قول الخليل عليه السلام، دعاء لمن عصاه بغير الكفْر، أو لمن عصاه بالكفر ثم تاب منه، وهو الذي يصح أن يدْعى له بالمغفرة، لكنه ذكر اللفظ بالعموم لما كان فيه - عليه السلام - من الرحمة للخَلْق وحُسْن الْخُلق.
فإن قلت: كيف يدعو بما هو مستحيل عقلاً وشرعاً، لأن النبي معصوم عن
عبادة الأصنام؟
فالجواب أنه دعا على سبيل الخضوع والتذلل والخوف، ألا ترى شعيباً لما
قالوا له: (أو لَتَعودُنَّ في مِلّتنا) ، قال (ما يكون لنا أنْ نعودَ فيها إلا أنْ يشَاءَ الله) ، فالمقام مقام خَوْف، ولو ثبتت عصمتهم فهم أولى الناس بالخوف ممن اصطفاهم.
(ما لكم مِنْ زَوَال) : هو المقسم عليه، يعني أنهم حلفوا
أنهم لا يبعثون.
(مَكْرهم لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال) :
يراد بالجبال هنا الشرائع والنبوات، شبّهت بالجبال في ثبوتها.
والمعنى تحقير مكرهم، لأنها لا تزول منه تلك الجبالُ الثابتةُ الراسخة.
وقرأ الكسائي: لَتَزُول - بفتح اللام ورفع تزول.
و (إنْ) على هذه القراءة مخفّفة من الثقيلة، واللام للتأكيد.
والمعنى تعظيم مكرهم، أي أن مكرهم من شدته بحيث تزول منه الجبال، ولكنَّ الله عَصم ووَقَى منه.
(ما نُنَزِّلُ الملائكةَ إلا بالحق) : الآية ردّت عليهم فيما اقترحوا
عليه - صلى الله عليه وسلم - أن يأتيهم بالملائكة معه.
والمعنى أن الملائكة لا تنزل إلا بالحق من الوحي والمصالح التي يريدها الله،