من عاقل وغيره، لكن سجود العاقل حقيقة وغير العاقل بمعنى التذّلّل
والانقياد، فيكون لفظ السجود للقدر المشترك بينهما وهو الخضوع والانقياد، أو يكون من باب استعمال اللفظ المشترك في مفهومَيْهِ معاً، أو من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه.
ولو قال من في السماوات لم يدخل في ذلك غير العُقَلاء.
(مَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) .
نكرَ النعمةَ ليدخلَ تنعيمُ الكافر، لا للتقليل، لأن عطاء الله لا يوصف
بالقلَّةِ.
وقيل الكافر غير منْعَم عليه.
وقيل منعَم عليه في الدنيا، لقول عمر:
أولئك قوم عجّلت لهم طيباتُهم في الدنيا ولا يُنعَم عليهم في الآخرة، فالنعم
الدنيوية والأخروية عامة للمؤمنين، لأن الضر نعمة من الله عليه لصبره، كما أن النعمة نعمة عليه لشكره، لكنه يتأدّبُ فلا يصرِّح بِنِسْبَةِ الشرّ إلى ربِّه، وإن علم أن الكل من عنده، ويعتقد أن نعمه فضلٌ من الله، ونقمه عدل منه، ألا تراه كيف ذكر النعمة بأنها من الله، ثم سكت عن الضر، بل وصف الإنسان بالاستغاثة والتضرّع عنده.
وفي هاتين الآيتين عتابٌ في ضمنه نَهْيٌ لمن يدعو الله
عند الضرّاء برَفْعِ الصوت ويَغْفُل عنه عند العافية.
(ما يشتَهُون) :يعني أنهم جعلوا الذُّكُورَ من الأولاد لأنفسهم، لأنهم يشتهونهم، والبنات اللائي يكرهونهنّ لربهم حيث قالوا الملائكة بنات الله.
أو كرهوا التوحيد وجعلوا له سبحانه شريكاً، وهم يكرهون المشارك
لهم في خططهم ومنازلهم وأموالهم، أو احتقروا الرسل وهم يكرهون ذلك فيمن يرسلونه إلى أحد أن يحتقر، وعلى كلَ وقع اللوم.
وإذا كانوا هم لا يحتملون شيئاً من ذلك ولا يحبونه لأنفسهم فكيف ينسبونه لربهم، وهم مع ذلك يدَّعون أن الجنة لهم.
والعجبُ منهم ينكرون البعث رأساً.
(ما أنْزَلْنَا عليكَ الكِتَابَ إلاَّ لِتُبَيِّنَ لهم الذي اخْتَلَفُوا فيه) :
دخلت اللام على تبيّن لأنه ليس لفاعل الفعل المعلّل، لأن الإنزال من اللَه