لهارون - عليهما السلام - لما رجع من الطور بعد كمال الأربعين يوماً التي كلّمه الله فيها، و (لا) زائدة للتأكيد.
والمعنى ما منعك أن تتّبعني في المشي إلى الطور، أو تتَّبعتي في
الغضب للَه وشدة الزّجْرِ لمَنْ عبدوا العجل وقتالهم بمن لم يعبده.
(ما قَدْ سبَقَ) : يعني أخبار الأمم المتقدمين.
(ما بَيْنَ أيدهم وما خَلْفَهم) : الضمير للخَلْق.
والمعنى يعلم ما كان قبلهم، وما يكون بعدهم.
وقال مجاهد: ما بين أيديهم الدنيا وما خلفهم الآخرة.
(مَنْ أذِن له الرحْمَن ورَضِيَ له قَوْلاً) :
مَنْ واقعة على الشافع، والمعنى لكن مَنْ أذن له الرحمن يشفع.
(مَعيشة ضَنْكًا) ، أي ضيقة، فقيل إن ذلك في الدنيا، فإن
الكافر ضيق المعيشة لشدة حِرْصه، وإن كان واسع الحال.
وقال بعض الصوفية:
لا يعرْض أحد عن ذكر الله إلا أظلم عليه وقْته وتكدّر عليه عيشه.
وقيل ذلك في البَرْزَخ.
وقيل في جهنم يأكل الزّقَّوم، وهذا ضعيف، لأنه ذكر بعد هذا يوم
القيامة وعذاب الآخرة.
(ما يَأتِيهم مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبّهم مُحْدَث) :
الضمير عائد على المشركين من قريش، ويعني بالذكر القرآن، ومحدث: أي محدث النزول.
(مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا) :لما قالوا: (فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) الآيات.
أخبرهم أن الذين من قبلهم طلبوا الآيات، فلما رأوها ولم يؤمنوا أهلكوا.
ثم قال: (أفهم يُؤمنون) ، أي إن حالهم في عدم الإيمان وفي الهلاك كحال مَنْ قبلهم.
ويحتمل أن يكون المعنى أن كل قرية هلكت لم تؤمن، فهؤلاء كذلك ولا
يكون على هذا جواباً لقولهم: (فليَأتِنا بآيةٍ) ، بل يكون إخبارا مستأنفاً على وجه التهديد.
وأهلكنا في موضع الصفة لقرية، والمراد أهل القرية.