وقد رام بعض المتأخرين الجمع بينهما في تأليف بديع) ، مقتضاه أن الدعاء
العريض في أول الأمر والإياس في ثاني الحال.
تنبيه:
قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني، إذا تعارضت الآي وتعذر فيها الترتيب
والجمع طلب التاريخ، وترك المتقدم بالمتأخر، ويكون ذلك نسخا.
وإن لم يعمل، وكان الإجماع على العمل بإحدى الآيتين علم بإجماعهم أن الناسخ ما أجمعوا على العمل بها.
قال: ولا يوجد في القرآن آيتان متعارضتان تخلوان عن هذين الوصفين.
قال غيره: وتعارض القراءتين بمنزلة تعارض الآيتين، نحو: (وَأَرْجُلَكُمْ)
، بالنصب والجر، ولهذا جمع بينهما بحمل النصب على الغسل، والجر
على مسح الخف.
وقال الصيرفي: جماع الاختلاف والتناقض أن كل كلام صحّ أن يضاف
بعض ما وقع الاسم عليه إلى وجه من الوجوه فليس فيه تناقض، وإنما التناقض في اللفظ ما ضاده من كل جهة، ولا يوجد في الكتاب والسنة شيء من ذلك أبدا، وإنما يوجد فيه النسخ في وقتين.
وقال القاضي أبو بكَر: لا يجوز تعارض آي القرآن والآثار.
وما يوجبه العقل.
فلذلك لم يجعل قوله: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) .
معارضا لقوله: (وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا) ، (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ) .
لقيام الدليل العقلي أنه لا خالق له غير الله، فتعين تأويل ما عارضه.
فيؤوّل تخلقون على تكذبون، وتخلق على تصور.
وذكر الكرماني عند قوله تعالى: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) .