(موَدَّة) : أي محبّة، وقد كمُلَت في فَتْح مكة، فإنه أسلم
حينئذٍ سائر قريش.
وقيل المودة تزوّج النبي - صلى الله عليه وسلم - أمّ حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب.
وردَّ ابن عطية هذا القول بأن تزوج أم حبيبة كان قبل نزول هذه الآية.
وبالجملة لما أمر الله المسلمين بمعاداة الكفار ومقاتلتهم امتثلوا ذلك على ما
كان بينهم وبين الكفار من القرابة، فعلم الله صدقهم، فآنسهم بهذه الآية.
ووعدهم أن يجعل بينهم مودة.
(مِثْلَ ما أنْفَقوا) ، أي اطلبوا من الكفار ما أنفقْتُم من
الصدقة على أزواجكم اللاتي فررن إلى الكفار، وليطلب الكفار ُ منكم ما أنفقوا على أزواجهم اللاتي هاجرن إلى المسلمين.
فإن قلت: يفْهَم من تكرر هذه الآية بقاء حكمها؟
والجواب أنه لما قال الله: (واسألوا ما أنْفَقْتُم ولْيَسْألُوا ما أنْفَقُوا) .
قال الكفار: لا نرضى بهذا الحكم، ولا نُعْطي صداق مَنْ
فَرَّتْ زوجتُه إلينا من المسلمين، فأنزل الله هذه الآية الأخرى.
وأمر المسلمين أن يدفعوا الصداقَ لمن فرَّت زوجته إلى الكفار من المسلمين، ويكون هذا النوع من مال الغنائم على قول مَنْ قال: إنَّ معنى فعاقبتم: غنمتم.
وقيل من مال الفيء.
وقيل من الصدقات التي كانت تُدْفع للكفار إذا فرَّ أزواجُهم إلى المسلمين، فأزال الله دَفْعَها إليهم حين لم يرضوا حكمه.
وهذه الأحكام التي تضمنتها هذه الآيات قد ارتفعت، لأنها نزلت في قضايا
معينة، وهي مهادَنةُ النبي - صلى الله عليه وسلم - مع مشركي العرب، ثم زالت هذه الأحكام بارتفاع الهدنة، إذ لا يجوز لنا مهادنة المشركين من العرب، إنما هو في حقهم الإسلام أو السيف، وإنما تجوز مهادنةُ أهلِ الكتاب والمجوس، لأن الله تعالى قال في المشركين: (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) .
وقال في أهل الكتاب: (حتى يُعْطُوا الجِزْيَةَ) .
وقال - صلى الله عليه وسلم - في المجوس: "سنّوا بهم سنَّةَ أهل الكتاب".
(مَرْصوص) :هو الذى يُضَمّ بعضُه إلى بعض.