وصاحبه هو الدافق في الحقيقة، فقال سيبويه: هو على النسب، أي ذو دفق.
وقال ابن عطية: يصحّ أن يكون الماء دافقاً، لأن بعضه يدفق بعضاً، ومقصود الآية إثبات الحشر، فأمر الإنسان أن ينظر أصْلَ خلقته، ليعلم أن الذي خلقه مِنْ ماءٍ دافق قادر على أنْ يعيده.
ووَجْه اتصال هذا الكلام بما قبله أنه لما أخبر أن على كلّ نفس حافظاً يحفظ
أعمالها أعقبه بالتنبيه على الحشر، حيث تُجازَى كل نفس بأعمالها.
(مَا لَه مِنْ قوَّةٍ ولا نَاصِر) :الضمير للإنسان، ولما كان دَفْع المكاره في الدنيا إمّا بقوة الإنسان أو بنصرة غيره له أخبر الله أنه يعدمهما يوم القيامة.
(ما شاءَ الله) :
فيه وجهان:
أحدهما: أن معناه لا تَنْسى إلا ما شاء الله أن تنساه، كقوله: (أَوْ نُنْسِهَا) .
والآخر: أنه لا تنسى شيئا، ولكن قال: إلاَّ ما يشاء الله - تعظيما لله بإسناد
الأمر إليه، كقوله: (خالدين فيها إلا ما شاء الله) ، على بعض الأقوال.
وعَبَّر الزمخشري عن هذا بأنه من استعمال التقليل في معنى النفي، والأول
أظهر، فإن النسيان جائز على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيما أراد الله أن يرفعه من القرآن أو فيما قضى الله أن ينساه، ثم يذكره.
ومن هذا قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سمع قراءة
عباد بن بشر رحمه الله: لقد أذكرني كذا وكذا آية كنت أُنسيتها.
(موضوعة) : معَدة بشرابها.
(مَبْثوئة) : متفرقة، وذلك عبارة عن كثرتها.
وقيل مبسوطة.
(مالاً لُبَداً) : أي كثيراً.
وقرئ بضم اللام وكسرها، وهو جمع لبدة - بالضم والكسر، بمعنى الكثرة.
ونزلت الآية عند قوم في الوليد بن المغيرة، فإنه أنفق أموالاً في إنفاق أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.