لأن الكافر لا يجازَى في الآخرة على حسناته، إذ لم تقبل منه.
واستدل أهل السنة بهذه الآية على أنه لا يخلد مؤمن في النار، لأنه لو خلّد لَمْ يَرَ ثَوَاباً على إيمانه، وعلى ما عمل من الحسنات.
وروي عن عائشة أنها تصدقت بحبّة عِنب، فقيل لها في ذلك، فقالت:
كم فيها من مثقال ذرة.
وسمع رجل هذه الآية عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " حسبي، لا أبالي ألاَّ أَسمع غيرها ".
(مَنْ يَعْمَل مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شرًّا يَرَه) :
هذا على عمومه في حق الكفار.
وأما المؤمنون فلا يجزون بذنوبهم إلا بستّة شروط: وهي أن تكون
ذنوبهم كبار.
وأن يموتوا قبل التوبة منها.
وألا تكون لهم حسنات أرجح في الميزان منها.
وألاّ يشفع فيهم.
وألاّ يكونوا ممن استحق المغفرة بعمل كأهلِ
بَدْر، للحديث: لعل الله اطّلع على أهل بدر فقال: "اعملوا ما شئْتم فقد غفرتُ لكم".
وألاّ يعفو الله عنهم، فإن المؤمن العاصي في مشيئة الله إن شاء عذّبه وإن
شاء غفر له.
(ما في القبور. وحصِّلَ ما في الصّدُور) :
عبارة عن البعث، وجَمْع ما في الصحف.
وأظهر محَصّلا، ومُيز خيره من شرّه.
(مَنْ ثَقلَتْ موازِينُه) :
هو جمع ميزان، أو جمع موزون.
وميزان الأعمال يوم القيامة له لسانٌ وكفَّتان وعمود، وتوزَن فيه الأعمال.
والخفة والثقل متعلقة بأجسام، إما صحف الأعمال أو ما شاء الله.
وقالت المعتزلة: الميزان عبارة عن العدل في الجزاء.
فإن قلت: يفهم من قوله: (ونَضَع الموازين) - أنها جماعة لكل أحد ميزان، فإن كان فلا إشكال، وإن كان واحداً فما معنى الجمع؟
فالجواب أنه صحّ أنه ميزان واحد، وإنما جمع لما فيه من كفَّتين ولسان
وعمود.