الكتب المؤلفة، وهو على الحقيقة قليل جداً، وإنْ أكثر الناس من تعديد الآيات فيه، فإن المحققين منهم كالقاضي أبي بكر بن العربي ميز ذلك وأتقنه.
والذي أقوله: إن الذي أورده المكثرون أقسام:
قسم ليس من النسخ في شيء، ولا من التخصيص، ولا له علاقة بهما بوجه
من الوجوه، وذلك مثل قوله تعالى: (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) .
(أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ) .
ونحو ذلك، قالوا: إنه منسوخ بآية الزكاة، وليس كذلك، بل هو باق.
أما الأولى فإنها خبر في معرض الثناء عليهم
بالإنفاق، وذلك يصلح أن يفسر بالزكاة وبالإنفاق على الأهل وبالإنفاق في
الأمور المندوبة، كالإعانة والضيافة، وليس في الآية ما يدل على أنها نفقة واجبة غير الزكاة.
والآية الثانية تصح كلها على الزكاة، وقد فسرت بذلك.
وكذا قوله: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8.
قيل: إنها مما نسخ بآية السيف، وليس كذلك، لأنه تعالى أحكم الحاكمين أبدا، لا يقبل هذا الكلام النسخ، وإن كان معناه الأمر بالتفويض وترك المعاقبة.
وقوله في البقرة: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) .
عده بعضهم من المنسوخ بآية السيف.
وقد غلطه ابن الحَصَّار بأن الآية حكاية عما أخذه على بني
إسرائيل من الميثاق، فهو خبر، فلا نسخ فيه.
فقس على ذلك.
وقسم هو من قسم المخصوص لا من قسم المنسوخ.
وقد اعتنى ابن العربي بتجريده، فأجاد، كقوله: (إنَّ الإنسان لفي خسْر.
إلا الذين آمَنوا)
(وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) .
(إلا الذين آمنوا) . الشعراء: 224، 227.
(فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ) .
وغير ذلك من الآيات التي خصت باستثناء أو غاية.
وقد أخطأ من أدخلها في المنسوخ،