وأيضاً فالنجاة من النار أوْلى من دخول الجنة، فأمر الله أوّلاً بما ينجّي من
النار، وهي البراءة من عبادة الأصنام، ثم بالتوحيد الذي يدخل الجنة.
وأيضاً فنَفْي الإلهية عن الأصنام إثباث الألوهية للَه، وليس في إثبات الإلهية
لله نفى الإلهية عن الأصنام، لأن العاقل لا يكون بغير التولّي إلى معبوده، فإذا
نفى الإلهية عن الأصنام ثبت تولِّيه إلى الله، وإذا أثبت الإلهية للهِ فليس يتبرأ عن الأصنام، لأنه ربما يكون لواحد معبودان، فما أشرف هذه الكلمة المشرفة إن وُفِّقت إليها، وأماتَك الله عليها، ألا تراها تسعة عشر حرفاً على عدد الزبانية، وكلماتها سبعة علي عدد أبواب جهنم.
ولما كان النهار نصفان والليل نصفان كانت الأنصاف أربعة، ليكون مَنْ
قالها في اليوم والليلة مغفوراً له ذنوب ما عمل فيهما.
(متَبَّرٌ ما همْ فيه) :من التَّبَار، وهو الهلاَك.
والضمير عائد على القوَم الذين قالوا لموسى: اجعَلْ لنا إلهاً نعبده كما يَعْبد هؤلاء أصنامَهم، فقال لهم: أتريدون أن تهلكوا كما هلك هؤلاء.
(مبْصِرون) :
هو من بصيرة القلب، يعني إذا مسهم طائف من الشيطان تذكّروا عقابَ الله، أو رجاء ثوابه، أو مراقبته أو الحياء منه، أو عداوة الشيطان والاستعاذة منه، والنظر والاعتبار، وغير ذلك.
(ممِدّكم بألْفٍ من الملائكة ِ مرْدِفين) ، أي مكثركم.
ومن قرأه بفتح الدال فهو اسم مفعولِ، ومن قرأه بالكسر فهو اسم فاعل.
وصحَّ معنى القراءتين، لأنَّ الملائكة المنزَلين ردف بعضهم بعضاً، فمنهم تابعون ومتبوعون، يقال: ردفته وأردفته: إذا جئت بعده.
(موهِن كَيْدِ الكافرِين) :
من الوهن وهو الضعف.
وقرئ بالتشديد والتخفيف، ومعناهما واحد.
(مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ) ، أي منحازاً إلى جماعة ٍ من المسلمين،