واستكبروا عنها.
والفاء للتسبيب، وليس هو من باب ذكر اللازم عقب الملزوم.
وإنما هو من باب ذكر الشيء عقب نقيضه، لأنَّ لازم كونه إلهاً واحدا التصديق لا الإنكار والكفر.
وظاهر كلام الزمخشري أنَّ الوحدانية ثابتة بالعَقْل، لأنه قال: قد ثبت بما
تقدَّم إبطال أن تكون الإلهية لغيره، فكان من نتيجة ثبات الوحدانية ووضوح
دليلها استمرارهم على شركهم.
وظاهر كلام ابن عطية أنها ثابتة بالسمع، لأنه قال: لمَا تقدم وصفُ الأصنام
جاء الخبر الحقّ بالوحدانية، وهذه مخاطبةٌ لجميع الناس معلمة بأن الله متَّحد
وحدة تامة، لا يحتاج لكمالها إلى منضاف إليها.
والصحيح أنها مستفادة منهما معاً.
ابن عرفة: القضية على ثلاثة أقسام:
عقلية، كقولك الواحد نصف الاثنين، والجوهر متحيّز أو مفتقر إلى
العَرَض.
وشرعية، كقولك: الميت يبعث.
ومركبة منهما، كقولك: الله سميع بصير.
واختلفوا في قولك: الله إله واحد، فذهب الفَخْر إلى صحة إثباته بالسمع.
ونقل ابن التِّلْمساني في شرح المعالم الدينية عن بعضهم أنه لا يصح إثباتُه بالسمع.
وقال في شرح المعالم الفقهية: إنَّ ما تتوقّف دلالةُ المعجزة عليه لا يصحُّ إثباتُه
بالسمع، كوجود الإله، لئلا يلزم عليه الدور.
وما لا يتوقف عليه يصح إثباتُه بالسمع، ككونه واحدا، ذكره في أول الباب السابع في الإجماع.
وعندي أنَّ الآية تدل على صحة إثبات الوحدانية بالسمع والعقل، لقوله:
(فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ) ، كأنه يقول: فالمكذبون بالآخرة
قلوبهم منكرة، ولو كانت لا تتوقف على السمع لقال: فالصُّمّ العمي، أو