الرَّعاد أحداً لا والدا ولا ولداً.
فأمر الله تعالى ملك الريح أن يرسل من الصَّرْصَر مقدار حلقه.
قال وَهْب بن منَبّه اليماني: تحت الأرض السفلى، كما يقال لها العقيم، تعصفُ يوم القيامة، فتقلع الجبالَ من أماكنها، وترفع الأرض وتزَحْزِحها، وتشقّ الأرض، قال تعالى: (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً) ، وسبعة آلاف موكّلون بهذا الريح، فأمر الله الملك الموكّل به أن
يرسل جزءا من هذا الريح إلى قوم عاد، فقال: إلهي، كم أرسل، قال: مقدار منخر ثور.
قال: إلهي كثير، فأمر الله أن يرسل مقدار حلقة خاتم، فقال: إلهي
كثير، لا تدَع شيئاً في الأرض إلا أهلكته (1) .
فأمر الله أن يرسل مقدار سَمِّ الخِيَاط، فلما جاءتهم السحاب قالوا: (هذا عارِض ممْطِرنا) .
فقال لهم هود: (بل هوَ ما استَعْجلَتْم به رِيح فيها عذابٌ أليم) .
فجاءتهم الريح، فخرج منهم سبعمائة، وصعدوا في الجبل، أخذ كلّ واحد
منهم بيد صاحبه وذيله طامعين في النجاة، فلما اشتد الريح صاحوا وركضوا في الجبل، فساخ إلى ركبتهم، فلما حان العذاب أظلمت السماء، ورعدت، فنزلت ريح، فهدم جميع أبنيتهم ورفعها في الهواء، فجعلها مثل الدقيق المطحون، فصار رَمْلاً، وهذه الرمال التي على وجه الأرض من ذلك، ثم رفع قومَ هود إلى الهواء وضربهم على الأرض، فصاروا كأنهم أعجاز نَخْلٍ خاوية.
وروي أن هوداً جمع المسلمين، وخَطّ حولهم خطًّا، فكانت الريح تأتي إلى
ذلك الخط، وترجع كما قال تعالى: (تَنْزعُ الناسَ) .
والإشارة بذلك إلى أنَّ الريحَ إذا هبت يوم القيامة على نار جهنم تصير النارُ تحت أقدام أمته خامدة، ويعطون صحائفهم، واحد بيمينه والآخر وراء ظهره.
(محْتظِر) ، أي محترق متفتت، كأنه صاحب الغنم الذي
يجمع الحشيش في الحظيرة لغنمه أو للسكنى، وشبَّه الله ثموداً لما هلكوا بما يتفتّت في الحظيرة من الأوراق وغيرها.