لأن الجنة معدودة لك، والرؤية موعودة لأجلك، ومقاساة البلية مقسومة على حسب القطيعة.
(مِنْ غَيْرِ سوءٍ) :يعني من غير بَرَص ولا عاهة، وذلك لحكم:
منها أنه لما أتعب يده حين لطم فرعون في حال صباه أكرم الله يده بأن
جعلها بيضاء.
وكذلك الخليل أتعب يده بكَسْرِ الأصنام فأكرمه الله بإحياء
الطيور على يديه.
وكذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - أتعب يده بِرَمْي التراب في وجوه الكفار فأكرمه الله بانشقاق القمر بإشارته، ونبع الماء من بين أصابعه.
فالمؤمن الذي يكرم يده بمدها في الطاعة أفتراه لا يكرمها الله بأخْذ كتابه
وتزيينه بأساور من فضة.
وإذا أتعب رجله بالمشي إلى الجماعة يكرمه بخمود النار
تحت قدميه، فتقول له: جُزْ يا مؤمن، قد أطفأ نورك لهبي.
وكذلك إذا أتعب قلبه في ردّ وساوس الشيطان يكرمه الله تعالى بنور معرفته
ومحبّته.
ولما أكرم تعالى يد موسى بنور النبوة لم تحترق، ولو احترقت لم تكن معجزة.
وكذلك إسماعيل لما كان نور المصطفى في وجهه - صلى الله عليه وسلم - لم يعمل فيه السكين، وأكرمه الله بنور الحبيب الكريم، وفداه بالذبح العظيم، وحرم عليه العذاب الأليم.
وكذلك العبد إذ أكرمه الله بنور المعرفة والإيمان نَجّاه من النيران وحرم
عليه القَطْع والهجران.
ولما كانت يده حجة على فرعون حفظها الله من النار كي لا تبطل حجّته.
كذلك المعرفة حجَّتك على الكافرين، فسَلْه أن يحفظ حجتك من الزوال.
ومنها أنَّ الله تعالى أراه مِنَّته وهيبته فحفظ يده من النار كي يرى منته.
وأحرق لسانه بالجمرة كي يرى هَيْبته، كذلك قصة امرأة عمران قالت: