(حرف النُّون)(نوح عليه السلام) :من أولاد آدم عاش بعد الطوفان ستين سنة، وبعثه
اللَه بعد إدريس، وهو أولُ مَنْ صنع السفينة بأمْرِ الله، وكانت سببَ نجاته ومَنْ آمنَ به، وتنسلت الخلق من أولاده: سام، وحام، ويافث، ولذلك يقال له آدم الأصغر، لأن المؤمنين الذين كانوا معه في السفينة انقرضوا، وكان اسمه يشكر فَمرَّ على كلب ميت فجعل يده على أنْفه، وقال: ما أقبح رائحته، فقال له جبريل: يقول لك ربك اخْلُقْ أنْتَ مَنْ هو أحسن رائحة منه، فبكى على ذلك أربعين سنة.
فقال له جبريل: يا نوح، كم تَنوح! يكفيك من هذا النوح (1) .
فا
نظر هذه السياسة العظيمة، والوعيد الهائل مع أنبيائه وأصفيائه من خلقه.
قال تعالى: (إنّ اللَهَ اصْطَفَى آدم ونوحاً وآل إبراهيم) .
وكان في احتمال المشقة من قومه غاية حتى ضاق ذَرْعه منهم، ودعا عليهم.
فأجاب اللَّهُ دعاءَه، ونَجّاه ومَنْ معه، وسلَّم عليه في قوله: (سَلامٌ على نُوحٍ في العالمين) .
(قيل يا نوح اهْبِطْ بسلام مِنَّا) .
(نبيئا) :مشتق من الإنباء، وهو الإخبار، لقوله تعالى: (ذلك مِن أنباء الغَيْب) .
(نَبئْنَا بتَأوِيله) .
وقيل هي مشتقة من الرفعة والتفضيل، لقوله تعالى: (وكان رسولاً نبيئا) .
ومنه الحديث: كنت نبيئاً وآدم بين الماء والطين، يعني في علمه
سبحانه.
فأمّا أنْ يكونَ نبيئا حقيقة وهو غير موجود فلا يتصور، لأن كونه
نبيئاً يدل على وجوده عليه الصلاة والسلام، وكلّ نبيء مخبر، وليس كل مخبر نبيء، إذ لا يجوز استعمال هذا الاسم في غير الأنبياء، وإن كان الخبر صادقاً.