وعشرة لتضرعه إلى الله وتمرّغه في الرماد، ويقول: يا رب، إنَّ حبّ الدنيا قد غلب عليَّ وأنا أعلم أنك ربّ الكل (1) .
(نَنْسخ مِنْ آية أو نُنْسِها) :من النسيان، وهو ضد الذكر، أي ننسها النبي - صلى الله عليه وسلم - بإذن الله، كقوله: (سسقْرِئك فلا تنسى إلا ما شاء الله) .
أو بمعنى الترك، فتركها غير منزّلة عليك أو غير منسوخة.
وقرئ بالهمز بمعنى التأخير، أي نؤخر إنزالها أو ننسخها.
وقد قدمنا الكلام في الناسخ والمنسوخ.
وقرئ بضم النون، أي نأمر بنسخه.
(نَبْتَهل) :من اللعنة، نقول: لعنَةُ الله على الكاذب منّا ومنكم.
هذا أصل الابتهال، ثم استعمل في كل دعاء يجتهد فيه، وإن لم يكن
لعنة.
ولما نزلت الآية أرسل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى نصارى نَجْران ودعاهم إلى المباهلة، ودعا بعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين، فلم يقدروا على المباهلة لعلمهم أنهم على الباطل، وأعطوا الجزية على البقاء في دينهم.
(نَطْمِسَ وجوها) :
نمحو ما فيها من عَيْن وأنْف وحاجب، حتى تصير كالأدبار في خُلوّها عن الحواس.
(نلعنهم كما لعَنّا أصحابَ السبْتِ) .
أي نمسخهم كما مسخنا أصحابَ السبت الذين قلنا لهم: (كونوا قِرَدة خاسِئين) ، أو يكون من اللعن المعروف، والضمير يعود على الوجوه، والمراد
أصحابها، أو يعود على الذين أُوتوا الكتاب على الالتفات.
قال شَهْر بن حَوْشَب، عن كعب الأحبار: كان أبي من مؤمني أهلِ التوراة
برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان من عظمائهم وخيارهم، وكان من أعلم الناس بما أنزل الله في التوراة وبكتب الأنبياء، ولم يكن يدخر عني شيئاً، فقال لي يوماً: يا بني، إني قد حضرتني الوفاة، وقد علمت أني لم أدّخر عنك شيئاً مما كنْت أعلم، غير ورقتين