وأكد (لنسفعا) باللّام والنون الخفيفة، وكتبت في المصحف بالألف مراعاةً
للوقف عليها.
ويظهر لي أنَّ الوعيد نفّذ عليه يوم بدْر، حين قُتل، وأخذ
بناصيته، وجُرَّ إلى القَلِيب.
ووصف ناصيته بالكذب تجوّزاً، والكاذب الخاطئ في الحقيقة صاحبها.
والخاطئ الذي يفعل الذنب متعمداً.
والمخطئ الذي يفعله من غير قصد.
(نَقْعاً) : يعني أنَّ الإبل حرّكْنَ الغُبار عند مَشْيِهنّ.
(نَفَّاثَات) :
النفث: شبه النفخ دون تفْل وريق.
قاله ابن عطية.
وقال الزمخشري: هو النفخ مع ريق.
وهذا النفث ضَرْب من السحر، وهو أن ينفث على عُقَد تُعْقَد في خيط أو نحوه على اسم المسحور، فيضره ذلك.
وحكى ابن عطية أنه حدّثه ثِقَةٌ أنه رأى ببلاد المغرب خيطاً أحمر قد عُقدت
فيه عقد على فُصْلاَن - وهي أولاد الإبل، فمنعت ذلك رضاعَ أمهاتها، فكان إذا حل عقدة جرى ذلك الفَصِيل إلى أمه فرضع في الحين.
قال الزمخشري: إن في الاستعاذة من النفثة ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يستعاذ من مثل عملهن، وهو السحر ومن إثمهن في ذلك.
والآخر: أن يستعاذ من خداعهن الناس ومن خبثهن.
والثالث: أن يستعاذ مما يصيبه الله من الشر عند نَفْثهن.
والنفاثات بناء مبالغة، والموصوف محذوف، تقديره النساء النفاثات، أو
الجماعات النفاثات، أو النفوس النفاثات.
والأول أصح، لأنه رُوي أنه إشارة إلى بنات لبيد بن الأعصم اليهودي، وكنَّ ساحرات سحرن وأبوهن سيدَنا ومولانا محمدا - صلى الله عليه وسلم -، وعقدنَ له إحدى عشرة عُقدة، فأنزل الله تعالى المعوّذتين إحدى
عشرة آية بعدد العُقَد، وشفا الله رسولهَ - صلى الله عليه وسلم.
فإن قيل: لم عرف النفاثات بالألف واللام، ونَكر ما قبله، وهو غاسق وما
بعده - وهو حَاسِد، مع أن الجميع مستعاذٌ منه؟