ولا يعرف اليوم منها شيء، ثم لا يخلو ذلك من أن يكون في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا توفي لا يكون مَتْلُوّاً من القرآن، أو يموت وهو متلو موجود بالرسم، ثم ينسيه الله الناس ويرفعه من أذهانهم.
وغير جائز نسخ شيء من القرآن بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
انتهى.
وقال في البرهان في قول عمر: لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله
لكتبتها - يعني آية الرجم، ظاهره أن كتابتها جائزة، وإنما منعه قول الناس.
والجائز في نفسه قد يقوم من خارج ما يمنعه، وإذا كانت جائزة لزم أن تكون
ثابتة، لأن هذا شأن المكتوب.
وقد يقال: لو كانت التلاوة باقية لبادر عمر ولم يعَرِّج على مقالة الناس، لأن
مقال الناس لا يصلح مانعاً.
وبالجملة فهذه الملازمة مشكلة، ولعله كان يعتقد أنه خبر واحد، والقرآن لا
يثبت به وإن ثبت لا يحكم.
ومن هنا أنكر ابن ظَفَر في " الينبوع " عدَّ هذا مما نسخ تلاوته، قال: لأن خبر الواحد لا يثبت به القرآن.
قال: وإنما هذا من المنسأ لا النسخ، وهما مما يلتبسان، والفرق بينهما أن
المنْسَأَ لَفْظُه قد يعلم حكمه. انتهى.
وقوله: لعله كان يعتقد أنه خبر واحد مردود، فقد صح أنه تلقاها من النبي
- صلى الله عليه وسلم -، فأخرج الحاكم من طريق كثير بن الصَّلْت، قال: كان زيد بن ثابت وسعيد بن العاصي يكتبان المصحف، فمرّا على هذه الآية فقال زيد: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا زنيا الشيخ والشيخة، فارجوهما ألبتّة.
فقال عمر: لما نزلت أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: أكتبا، فكأنه كَرِهَ ذلك.
فقال عمر: ألا ترى أن الشيخ إذا زنى ولم يحصن جلد، وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رُجِمَ.
قال ابن حجر في شرح البخاري: فيستفاد من هذا الحديث السبب في نسخ
تلاوتها لكون العمل على غير الظاهر من عمومها.
قلت: وخطر لي في ذلك نكتة حسنة، وهو أن سببه التخفيف على الأمة