عليه، ولا يبتدأ بما بعده مطلقا، لذا كتبوا (قف) و (لا) فوق الفواصل كما كتبوا فوق غير الفواصل وقالوا: إن الاستدلال بحديث أم سلمة على سنية وقف الفواصل لا دلالة فيه على ذلك، لأنه إنما قصد به إعلام الفواصل. قال البيهقي:
«وجهل قوم هذا المعنى وسموه وقف السنة إذ لا يسن إلا ما فعله (أي الرسول صلى الله عليه وسلم) تعبدا، ولكن هو وقف بيان» (١).
حكم الحالة الثانية: إذا كان الوقف على رأس الآية يؤدي إلى توهم معنى غير المراد. كالوقف على قوله تعالى فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الماعون: ٤ وهذا النوع من الوقف يمتنع فيه القطع أما الوقف ففيه خلاف أيضا بين العلماء فقد انقسموا حول هذا الوقف وأمثاله إلى ثلاث طوائف كذلك:
الطائفة الأولى: عدت هذا النوع من الوقف القبيح، ولا يجوز الوقف عليه إلا لمن اضطر.
الطائفة الثانية: تجيز الوقف عليه والابتداء بما بعده بشرط عدم القطع، لأن القطع في هذا المكان يوهم خلاف المعنى ويجعل الوعيد للمصلين، في حين أنه لو وصل القراءة مع الوقف فإنه حينئذ يظهر من المتوعد. والوقف سنة فلا بأس عندهم من الوقف مع وصل القراءة.
الطائفة الثالثة: تجيز الوقف ولا تجيز الابتداء بما بعده إلا إذا أعاد القارئ ثم وصل الوقف بما بعده.
ولما كان الوقف وثيق الصلة بالمعنى والإعراب، بل أنه مبني عليهما، لذا نجد أنه قد يحتمل الموضع الواحد أن يكون الوقف عليه تاما على معنى، وكافيا على غيره، وحسنا على غيرهما، ويضرب ابن الجزري لذلك مثالا (٢) بقوله تعالى هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ البقرة: ٢، فيقول هُدىً لِلْمُتَّقِينَ يجوز أن يكون وقفا تاما إذا كان الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ مبتدأ
(١) نهاية القول المفيد: محمد مكي نصر، ص ١٦٢.
(٢) التمهيد في علم التجويد، ص ٨٤، ٨٥ صحابة.