فَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ , أنبأ ابْنُ مِلْحَانَ , ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ , ثنا اللَّيْثُ , عَنْ عُقَيْلٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُ قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، فَقُلْتُ لَهَا : " أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا سورة البقرة آية 158 ؟ فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : وَاللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَنْ لا يَطَّوَّفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ , قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِي , إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ لَوْ كَانَتْ كَمَا أَوَّلْتَهَا ، كَانَتْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لا يَطَّوَّفَ بِهِمَا ، وَلَكِنَّهَا إِنَّمَا أُنْزِلَتْ فِي أَنَّ الأَنْصَارَ كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ عِنْدَ الْمُشَلَّلِ ، وَكَانَ مَنْ أَهَلَّ لَهَا يَتَحَرَّجُ أَنْ يَطَّوَّفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، فَلَمَّا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ ، أَنْزَلَ اللَّهُ : إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ سورة البقرة آية 158 ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : ثُمَّ قَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا , فَلَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الطَّوَافَ بِهِمَا " ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ , ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ , ثنا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى , ثنا لَيْثٌ , عَنْ عُقَيْلٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ ، وَزَادَ : قَالَ : فَأَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ بِالَّذِي حَدَّثَنِي عُرْوَةُ مِنْ ذَلِكَ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : إنَّ هَذَا لَعِلْمٌ وَأَمْرٌ مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ , وَلَقَدْ سَمِعْتُ رِجَالا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : إنَّ النَّاسَ إِلا مَنْ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِمَّنْ كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ ، كَانُوا يَطُوفُونَ كُلُّهُمْ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَإنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَلَمْ يَذْكُرِ الطَّوَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ , فَهَلْ عَلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَجٌ فِي أَنْ نَطُوفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : " إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا سورة البقرة آية 158 " ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَأَسْمَعُ هَذِهِ الآيَةَ قَدْ أُنْزِلَتْ فِي الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا ، فِي الَّذِينَ كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَطَّوَّفُوا بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَالَّذِينَ كَانُوا يَطُوفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَعَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ حِينَ ذَكَرَهُ ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ , وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، الزُّهْرِيِّ كَذَلِكَ , وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ كَذَلِكَ , وَرِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، تُوَافِقُ رِوَايَةَ مَالِكٍ ، وَغَيْرِهِ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , وَرِوَايَتُهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، تُوَافِقُ رِوَايَةَ أَبِي مُعَاوِيَةَ ، عَنْ هَاشِمٍ , ثُمَّ قَدْ حَمَلَهُ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الأَمْرَيْنِ جَمِيعًا ، وَأَنَّ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْفَرِيقَيْنِ مَعًا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ .