حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، ثنا غُنْدَرٌ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبَرَنِي بِشَيْءٍ أَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ ، وَإِذَا أَمْسَيْتُ ، قَالَ : " قُلِ : اللَّهُمَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ , فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ , أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي ، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ ، وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا , أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ ، قُلْهُ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ " ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ ، ثنا شُعْبَةُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَرَوَاهُ مُعَاذٌ ، وَبَهْزٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ ، ثنا هُشَيْمٌ ، عَنْ يَعْلَى ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا : " رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ " ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، ثنا هُشَيْمٌ بِهَذَا ، وَكَذَلِكَ تُؤَدِّي جَمِيعُ لُغَاتِ الْخَلْقِ مِنْ غَيْرِ اخْتِلافٍ بَيْنَهُمْ ، وَإِنَّمَا هُوَ الْفَاعِلُ وَالْفِعْلُ وَالْمَفْعولُ ، فَالْفِعْلُ صِفَةٌ , وَالْمَفْعولُ غَيْرُهُ ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ سورة الكهف آية 51 , وَلَمْ يُرِدْ بِخَلْقِ السَّمَاوَاتِ نَفْسَهَا , وَقَدْ مَيَّزَ فِعْلَ السَّمَاوَاتِ مِنَ السَّمَاوَاتِ , وَكَذَلِكَ فَعَلَ جُمْلَةَ الْخَلْقِ ، وَقَوْلُهُ : وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ سورة الكهف آية 51 , وَقَدْ مَيَّزَ الْفِعْلَ وَالنَّفْسَ ، وَلَمْ يَصِرْ فِعْلَهُ خَلْقًا ، وَأَمَّا الْوَصْفُ مِنَ الصِّفَةِ , فَالْوَصْفُ إِنَّمَا هُوَ قَوْلُ الْقَائِلِ حَيْثُ يَقُولُ : هَذَا رَجُلٌ طَوِيلٌ ، وَثَقِيلٌ ، وَجَمِيلٌ ، وَحَديدٌ ، فَالطُّولُ ، وَالْجَمَالُ ، وَالْحِدَّةُ ، وَالثِّقَلُ إِنَّمَا هُوَ صِفَةُ الرَّجُلِ ، وَقَوْلُ الْقَائِلِ وَصْفٌ كَذَلِكَ إِذَا قَالَ : اللَّهُ رَحيمٌ ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ ، وَاللَّهُ قَديرٌ ، فَقَوْلُ الْقَائِلِ : وَصْفٌ ، وَهُوَ عِبَادَةٌ ، وَالرَّحْمَةُ وَالْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ وَالْكِبْرِيَاءُ وَالْقُوَّةُ كُلُّ هَذَا صِفَاتُهُ ، وَأَمَّا الْكَذِبُ مِنَ الصِّدْقِ , فَقَوْلُ الْقَائِلِ : فُلانٌ هَا هُنَا , وَهُوَ غَائِبٌ , فَهُوَ كَذِبٌ فَلَوْ كَانَ حَاضِرًا لَكَانَ صِدْقًا ، وَالْكَلِمَةُ وَاحِدَةٌ ، وَإِنَّمَا صَارَ صِدْقًا وَكَذِبًا لِحَالِ الْمَعْنَى ، وَكَذَلِكَ لوْ إِنَّ رَجُلا قَالَ : إِنَّ اللَّهَ رَحيمٌ وَيَرْحَمُ ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ وَيَعْلَمُ ، وَاللَّهُ قَديرٌ وَيَقْدِرُ ، وَاللَّهُ سَمِيعٌ وَيَسْمَعُ ، وَلَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ مَعْنًى كَمَا وَصَفْنَا فِي شَأْنِ الْكَذِبِ وَالصِّدْقِ ، لَكَانَ قَوْلُهُ كَذِبًا ، وَإِنَّمَا صَارَ هَذَا الْقَوْلُ صِدْقًا وَعِبَادَةً وَطَاعَةً لِحَالِ الْمَعْنَى . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : " وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْفَاعِلِ وَالْمَفْعولِ وَالْفِعْلِ ، فَقَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ : الأَفَاعِيلُ كُلُّهَا مِنَ الْبَشَرِ لَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ ، وَقَالَتِ الْجَبْرِيَّةُ : الأَفَاعِيلُ كُلُّهَا مِنَ اللَّهِ ، وَقَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ : الْفِعْلُ وَالْمَفْعولُ وَاحِدٌ ، لذلكَ قَالُوا : لَكِنْ مَخْلُوقٌ ، وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ : التَّخْليقُ فِعْلُ اللَّهِ ، وَأَفَاعيلُنَا مَخْلُوقَةٌ , لِقَوْلِهِ تَعَالَى : وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ { 13 } أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ سورة الملك آية 13-14 ، يَعْنِي السِّرَّ وَالْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ ، فَفِعْلُ اللَّهِ صِفَةُ اللَّهِ ، وَالْمَفْعولُ غَيْرُهُ مِنَ الْخَلْقِ ، وَيُقَالُ لِمَنْ زَعَمَ أَنِّي لا أَقُولُ : الْقُرْآنُ مَكْتوبٌ فِي الْمُصْحَفِ , وَلَكِنَّ الْقُرْآنَ بِعَيْنِهِ فِي الْمُصْحَفِ ، يَلْزَمُكَ أَنْ تَقُولَ : إِنَّ مَنْ ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْمَدَائِنِ وَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمَا , وَإِبْلِيسَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنودِهِمَا وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ عَايَنْتُهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ فِي الْمُصْحَفِ ، لأَنَّ فِرْعَوْنَ مَكْتوبٌ فِيهِ ، كَمَا إِنَّ الْقُرْآنَ مَكْتوبٌ ، وَيَلْزَمُكَ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا حِينَ تَقُولُ فِي الْمُصْحَفِ ، وَهَذَا أَمْرٌ بَيِّنٌ , لأَنَّكَ تَضَعُ يَدَكَ عَلَى هَذِهِ الآيَةِ , وَتَرَاهَا بِعَيْنِكَ : اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ سورة البقرة آية 255 ، فَلا يَشُكُّ عَاقِلٌ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَعْبودُ ، وَقَوْلُهُ : اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ سورة البقرة آية 255 ، هُوَ قُرْآنٌ ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْقُرْآنِ هُوَ قَوْلُهُ ، وَالْقَوْلُ صِفَةُ الْقَائِلِ مَوْصُوفٌ بِهِ فَالْقُرْآنُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَالْقِرَاءَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالْحِفْظُ للقُرآنِ هُوَ فِعْلُ الْخَلْقِ , لِقَوْلِهِ : فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ سورة المزمل آية 20 , فَقَوْلُهُ : فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ سورة المزمل آية 20 , وَالْقِرَاءَةُ فِعْلُ الْخَلْقِ وَهُوَ طَاعَةُ اللَّهِ ، وَالْقُرْآنُ لَيْسَ هُوَ بِطَاعَةٍ , إِنَّمَا هُوَ الأَمْرُ بِالطَّاعَةِ ، وَدَلِيلُهُ قَوْلُهُ : وَقُرْءَانًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ سورة الإسراء آية 106 ، وَقَالَ : إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ سورة فاطر آية 29 ، وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ سورة القمر آية 17 " .