ومنها قوله تعالى: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من ١١٥ الغاوين) الحجر /٤٢ فإن العباد الذين أضافهم الله سبحانه // وتعالى إليه هم المخلصون، الذين لا سلطان للشيطان عليهم.
فمن اتبعك غير محرج منهم، فليس بمستثنى متصل، وإنما هو مستثنى منقطع، مخرج لما أفهمه الكلام.
والمعنى والله أعلم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان، ولا على غيرهم، إلا من اتبعك من الغاوين.
ومنها قوله تعالى: (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) الدخان /٥٦ (فالموتة الأولى) مستثنى منقطع، مخرج مما أفهمه (لا يذوقون فيها الموت) من نفي تصوره للمبالغة في نفي وقوعه، كأنه قيل: لا يذوقون فيها الموت، ولا يخطر لهم ببال إلا الموتة الأولى.
ومنها قولهم: (له على ألف إلا ألفين) و (إن لفلان مالا إلا أنه شقي) و (ما زاد إلا ما نقص) و (ما نفع إلا ما ضر) و (ما في الأرض أخبث منه إلا إياه) و (جاء الصالحون إلا الطالحين).
فالاستثناء في هذه الأمثلة كلها على نحو ما تقدم.
فالأول: على معنى: له على ألف لا غير، إلا ألفين.
والثاني: على معنى: عدم فلان البؤس إلا أنه شقي.
والثالث: على معنى: ما عرض له عارض إلا النقص.
والرابع: على معنى: ما أفاد شيئًا إلا الضر.
والخامس: على معنى: ما يليق خبثه بأحدٍ إلا إياه.
والسادس: على معنى: جاء الصالحون وغيرهم، إلا الطالحين.
كأن السامع توهم مجيء غير الصالحين، ولم يعبأ بهم المتكلم، فأتى بالاستثناء، رفعًا لذلك التوهم.
ومن أمثلة المستثنى المنقطع الآتي جملة قولهم: لأفعلن كذا، وكذا إلا حل ذلك أن أفعل كذا وكذا.
قال السيرافي: (إلا) بمعنى (لكن)، لأن ما بعدها مخالف لما قبلها، وذلك أن قوله: والله لأفعلن كذا، وكذا عقد يمين عقده على نفسه، وحله إبطاله ونقضه، كأنه قال: