المنصوب، أو عامله، فإن كان لفظ المصدر فينبغي أن يجوز ذلك في كل مصدر له فعل، ولا يقتصر على السماع، ولا يمكن أن يكون عامل المصدر؛ لأن القتل لا يشعر بالصبر، ولا اللقاء بالفجاءة، ولا الإتيان بالركض. وقد أطرد ورود المصدر حالا في أشياء:
منها قولهم: (أنت الرجل علمًا وأدبًا ونبلا) أي: الكامل في حال علم وأدب ونبل.
ومنها قولهم: (زيد زهير شعرًا، وحاتم جودًا، والأحنف حلمًا) أي: مثل زهير في حال شعر، ومثل حاتم في حال جود، ومثل الأحنف في حال حلم. ومنها قولهم: (أما علمًا فعالم) والأصل في هذا: أن رجلا وصف عنده رجل بعلم وغيره، فقال للواصف: (أما علمًا فعالم) يريد: مهما يذكر إنسان في حال علم فالذي ذكرت عالم، كأنه منكر ما وصفه به من غير العلم، فصاحب الحال على هذا التقدير المرفوع بفعل الشرط المحذوف، وهو ناصب الحال. ويجوز أن يكون ناصبه ما بعد الفاء، والحال على هذا مؤكدة، والتقدير: مهما يكن من شيء، فالمذكور عالم في حال علم.
وبنو تميم يلتزمون رفع المصدر بعد (أما) إذا كان معرفة، ويجيزون رفعه، ونصبه إذا كان نكرة. والحجازيون: نصب المعرف ورفعه، ويلتزمون نصب المنكر.
١٢٧ وسيبويه: // يجعل المنصوب المعرف مفعولا له.
والأخفش: يجعل المنصوب مصدرًا، مؤكدًا في التعريف والتنكير، ويجعل العامل فيه ما بعد الفاء. والتقدير: مهما يكن من شيء فالمذكور عالم علمًا. ولم يطرد مجيء المصدر حالا في غير ما ذكر.
ورواه المبرد مطردًا فيما هو نوع من العامل، نحو: أتيته سرعةً، وقوله:
ومصدر منكر حالا يقع ... بكثرةٍ .......................
فيه تنبيه على وقوع المصدر المعرفة حالا بقلة، كقولهم: (أرسلها العراك). وهو على التأويل بمعتركة، كما تقدم.
٣٣٨ - ولم ينكر غالبًا ذو الحال إن ... لم يتأخر أو يخصص أو يبن
٣٣٩ - من بعد نفيٍ أو مضاهيه كلا ... يبغ امرؤ على امرئٍ مستسهلا
قد تقدم أن الحال وصاحبها خبر، ومخبر عنه في المعنى، فأصل صاحبها أن يكون معرفة، كما أن أصل المبتدأ أن يكون معرفة.