وقد يحذف بدون ذلك قال الشاعر: من الطويل
٤٢٧ - فذلك إن يلق المنية يلقها ... حميدًا وإن يستغن يومًا فأجدر
أي: فأجدر بكونه حميدًا.
فإن قلت: كيف جاز حذف المتعجب منه مع (أفعل) وهو (فاعل)؟ قلت: لأنه أشبه الفضلة، لاستعماله مجرورًا بالباء، فجاز فيه ما يجوز فيها.
٤٧٧ - وفي كلا الفعلين قدمًا لزما ... منع تصرفٍ بحكمٍ حتما
كل واحد من فعلي التعجب ممنوع من التصرف، والبناء على غير الصيغة التي جعل عليها، مسلوك به سبيل واحدة، لتضمنه معنى هو بالحروف أليق، وليكون مجيئه على طريقة واحدة أدل على ما يراد به.
٤٧٨ - وصغهما من ذي ثلاث صرفا ... قابل فضلٍ تم غير ذي انتفا
٤٧٩ - وغير ذي وصفٍ يضاهي أشهلا ... وغير سالكٍ سبيل فعلا
الغرض من هذين البيتين معرفة الأفعال التي يجوز في القياس أن يبني منها فعلا ١٧٩ // التعجب، أعني مثالي: ما أفعله! وأفعل به.
وهي كل فعل ثلاثي متصرف قابل للتفاوت غير ناقص، ككان وأخواتها، ولا ملازم للنفي، ولا اسم فاعله على أفعل، ولا مبني للمفعول.
فلا يبنيان مما زاد على ثلاثة أحرف، لأن بناءهما منه يفوت الدلالة على المعنى المتعجب منه، أما فيما أصوله أربعة، نحو: دحرج وسرهف، فلأنه يؤدي إلى حذف بعض الأصول، ولا خفاء في إخلاله بالدلالة، وأما في غيره، فلأنه يؤدي إلى حذف الزيادة الدالة على معنى مقصود، ألا ترى أنك لو بنيت من نحو: ضارب وانضرج واستخرج (أفعل) فقلت: ما أضربه وأضرجه وأخرجه لفاتت الدلالة على معنى المشاركة والمطاوعة والطلب.
وأجاز سيبويه بناء فعل التعجب من (أفعل) كقولهم: (ما أعطاه للدراهم!) و (ما أولاه للمعروف!) لا من غيره مما زاد على الثلاثة.