أفعل التفضيل في الكلام على ثلاثة أضرب: مضاف، ومعرف بالألف واللام، ومجرد من الإضافة والألف واللام.
فإن كان مجردًا لزم اتصاله بـ (من) التي لابتداء الغاية، جارة للمفضل عليه، كقولك: زيد أكرم من عمروٍ، وأحسن من بكرٍ.
وقد يستغنى بتقدير (من) عن ذكرها لدليل، ويكثر ذلك إذا كان أفعل التفضيل خبرًا، كقوله تعالى: (والآخرة خير وأبقى) الأعلى /١٧ ويقل ذلك إذا كان صفة أو حالا، كقول الراجز: من الرجز
٤٤٣ - تروحي أجدر أن تقيلي ... غدًا بجنبي باردٍ ظليل
أي: تروحي، وائتي مكانًا أجدر أن تقيلي فيه من غيره.
وإن كان (أفعل) التفضيل مضافًا، نحو: زيد أفضل القوم، أو معرفًا بالألف واللام، نحو: زيد الأفضل، لم يجز اتصاله بـ (من) فأما قوله: من السريع
٤٤٤ - ولست بالأكثر منهم حصى ... وإنما العزة للكاثر
ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن (من) فيه ليست لابتداء الغاية بل لبيان الجنس، كما هي في نحو: أنت منهم الفارس والشجاع، أي من بينهم.
الثاني: أنها متعلقة بمحذوف، دل عليه المذكور.
الثالث: أن الألف واللام زائدتان. فلم يمنعا من وجود (من) كما لم يمنعا من الإضافة في قول الشاعر: من الكامل