فجعل (ما) مصدرية، وأدخل عليها (كي) كما تدخل عليها اللام، والمعنى: إنما يراد الفتى للضر والنفع.
وإذا دخلت على الفعل المضارع فلا يكون ذلك إلا على معنى التعليل كقولك: جئت كي تحسن إلى، فالوجه أن تكون مصدرية ناصبة للمضارع، ولام الجر قبلها مقدرة، وذلك لكثرة وقوع اللام قبلها كقوله تعالى: {لكيلا تأسوا على ما فاتكم} الحديد/٢٣ وحرف الجر لا يدخل على مثله، ولا يباشره إلى في ضرورة قليلة، وإنما يدخل على اسم: ٢٦٢ إما صريح أو // مؤول به.
فلولا أن (كي) هنا مع الفعل بمنزلة المصدر ما جاز أن تدخل عليها اللام. ويجوز في (كي) مع الفعل إذا كانت مجردة عن اللام أن تكون الجارة، والفعل بعدها منصوب بـ (أن) مضمرة، كما ينتصب بعد اللام، بدليل ظهور (أن) بعد (كي) في الضرورة كقول الشاعر: من الطويل
٦٠٣ - فقالت أكل الناس أصبحت مانحًا ... لسانك كيما أن تغر وتخدعا
وأما (أن) فتكون زائدة ومفسرة ومصدرية.
فالزائدة، هي التالية لـ (لما) التوقيتية، كما هي في قوله تعالى: {فلما أن جاء البشر} يوسف/٩٦.
والمفسرة: هي الداخلة على جملة مبينة حكاية ما قبلها من دال على معنى القول بغير حروفه. كالتي في قوله تعالى: {فأوحينا إليه أن اصنع الفلك} المؤمنون/٢٧ وفي قوله تعالى: {وانطلق الملأ منهم أن امشوا} ص/٦ أي: انطلقت ألسنتهم بهذا القول.
والمصدرية: هي التي مع الفعل في تأويل مصدر. وتنقسم إلى مخففة من (أن) وناصبة للمضارع. فإن كان العامل فيها من أفعال العلم وجب أن تكون المخففة، وتعين في المضارع بعدها الرفع، إلا أن يكون العلم في معنى غيره، ولذلك أجاز سيبويه: ما علمت إلا أن تقوم (بالنصب) قال: لأنه كلام خرج مخرج الإشارة، فجرى مجرى قولك: أشير عليك أن تفعل.
وإن كان العامل في (أن) من غير أفعال العلم والظن وجب أن تكون غير المخففة، وتعين في المضارع بعدها النصب، كقولك: أريد أن تقوم.