فإن قلت: (أو) المذكورة حرف عطف واقع بعد فعل، فكيف نصب الفعل بعدها بإضمار (أن) مع كون (أن) والفعل في تأويل الاسم، فكيف صح عطف الاسم على الفعل؟.
قلت: صح ذلك على تأويل الفعل قبل (أو) بمصدر معمول لكونه مقدر.
فإذا قلت: لأنتظرنه أو يجيء، أو لأقتلن الكافر أو يسلم، فهو محمول على تقدير: ليكون انتظار مني أو مجيء منه، وليكون قتل مني للكافر أو إسلام منه، وكذا جميع ما جاء من هذا القبيل.
فإن قلت: فلم نصبوا الفعل بعد (أو) حتى احتاجوا إلى هذا التأويل؟
٢٦٥ قلت: ليفرقوا بين (أو) التي // تقتضي مساواة ما قبلها لما بعدها في الشك فيه، وبين (أو) التي تقتضي مخالفة ما قبلها لما بعدها في ذلك، فإنهم كثيرًا ما يعطفون الفعل المضارع على مثله بـ (أو) في مقام الشك في الفعلين تارة، وفي مقام الشك في الثاني منهما أخرى فقط.
فإذا أرادوا بيان الأول رفعوا ما بعد (أو) فقالوا: أفعل كذا أو أترك، ليؤذن الرفع بأن ما قبل (أو) مثل ما بعدها في الشك.
وإذا أرادوا بيان المعنى الثاني نصبوا ما بعد (أو) فقالوا: لأنتظرنه أو يجيء ولأقتلن الكافر أو يسلم، ليؤذن النصب بأن ما قبل (أو) ليس مثل ما بعدها في الشك، لكونه محقق الوقوع أو راجحه، فلما احتيج إلى النصب ليعلم هذا المعنى احتيج له إلى عامل، ولم يجز أن تكون (أو) لعدم اختصاصها، فتعين أن تكون (أن) مضمرة، واحتيج لتصحيح الإضمار إلى التأويل المذكور.
وأما (حتى) فقد أشار إلى نصب الفعل بعدها بإضمار (أن) بقوله:
٦٨٥ - وبعد حتى هكذا إضمار أن .... حتم كجد حتى تسر ذا حزن
٦٨٦ - وتلو حتى حالا أو مؤولا .... به أرفعن وانصب المستقبلا
(حتى) حرف غاية، وتأتي في الكلام على ثلاثة أضرب: عاطفة وابتدائية وجارة.
فالعاطفة: تعطف بعضًا على كله، كقولك: أكلت السمكة حتى رأسها.
والابتدائية: تدخل على جملة مضمونها غاية لشيء قبلها، وقد تكون اسمية كقول