سورة الفاتحة ١: ٦
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}:
{اهْدِنَا}: دعاء يتكرر سبع عشرة مرة في اليوم في صلاة الفرض فقط فما بالك أيضاً بصلاة السنة وغيرها من الصلوات؛ الهداية: تعني الدلالة والإرشاد والتوفيق والإلهام وتعني أيضاً: وفقنا للاستقامة على الصراط المستقيم, وأقمنا على ذلك، وتكرار هذا الدعاء يدل على أهمية المطلوب, ويدل على أن الإنسان بحاجة إلى هداية ربه مهما بلغ من العلم والإيمان؛ لأنه ليس معصوم من الزلل.
واهدنا: بصيغة المخاطب أو الخطاب المباشر من العبد إلى ربه، والدعاء بصيغة الخطاب أولى وأقوى من الدعاء بصيغة الغائب، واهدنا بصيغة الجمع مقارنة بالقول اهدني الصراط المستقيم، والدعاء بصيغة الجمع أفضل من الدعاء بصيغة الإفراد حيث ندعو للمؤمنين كما ندعو لأنفسنا.
{الصِّرَاطَ}: هو الطّريق الواسع، أوسع الطرق أو السبل، المستقيم: الذي لا عوج فيه وبذلك يكون الأقصر والأسهل وأسلم الطّرق الموصلة إلى الغاية وهي رضوان الله تعالى والجنة, فالصراط ليس هو الغاية وإنما هو الوسيلة الموصلة للغاية.
والصراط: أفضل من السبيل أو الطريق, والصراط: في هذه الآية جاءت معرفة بأل التعريف التي تدل على الكمال، وتعني: البين الواضح وفي الآية (٧) في نفس السورة قال تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} جاءت كلمة صراط مضافة ومعرفة بصراط الذين أنعمت عليهم, والصراط المستقيم: هو نفسه صراط الذين أنعم الله عليهم من النبين والصديقين والشهداء والصالحين.
{الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}: أي: دين الإسلام الدّين الحق الدّين القيم الموصل إلى الغاية بأقصر السّبل وأيسرها وأسلمها.
قال سبحانه: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} ولم يقل: اهدنا إلى الصّراط المستقيم أو اهدنا للصراط المستقيم.
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}: أي: هم على الصّراط المستقيم الآن ويسألونه الهداية للسير فيه وتعريفهم عليه والثّبات والاستقامة والاستمرار للوصول إلى النّهاية والغاية.
أما اهدنا إلى الصّراط المستقيم: تعني هم خارج الصّراط الآن أو بعدين عنه, ولا يعرفونه ويسألونه لدلالة والمعرفة لكي يسلكوا الصّراط المستقيم.
وأما اهدنا للصراط المستقيم: تعني هم وصلوا إلى النّهاية والغاية أو أتموا السّير على الصّراط كالأنبياء والصّديقين والشّهداء والصّالحين الّذين سبقونا.