سورة الأعراف ٧: ٧١
{قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِنْ رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِى فِى أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانتَظِرُوا إِنِّى مَعَكُمْ مِنَ الْمُنتَظِرِينَ}:
{قَالَ قَدْ}: هود لقومه. قد: حرف تحقيق، وتوكيد، وتفيد في تقريب الزمن الماضي من الحال.
{وَقَعَ عَلَيْكُم مِنْ رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ}: قال: هذا بعد أن يئس من إيمان قومه، وبعد أن تحدوه، وقالوا: فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين؛ فجاءه الوحي من ربه: أن أبلغهم قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب.
انتبه! إلى قوله: {قَدْ وَقَعَ}: ولم يقل: سيقع في المستقبل، وقع: فعل ماضٍ، وهود لا يزال يُعْلمهُمْ، وينذرهم؛ لأن كلام الله سبحانه لا يحده زمان، ولا مكان، سواء ماضياً كان، أم حاضراً، أم مستقبلاً؛ أيْ: سيقع لا محالة، عاجلاً أم آجلاً؛ أي: اعتبروا أن وقوعه قد حدث فعلاً.
{عَلَيْكُم مِنْ رَّبِّكُمْ}: تقديم عليكم: يفيد الحصر، من ربكم وحده، وليس من غيره.
{رِجْسٌ}: عذاب من الارتجاس، وهو الاضطراب، ويعني: العذاب، كما ذكر في الآيات الأخرى: بالريح العقيم (الذاريات آية ٤١)، أو الريح الصرصر العاتية (الحاقة آية ٦)؛ ارجع إلى سورة البقرة آية (٥٩) للبيان المفصل في الرجز والرجس.
{وَغَضَبٌ}: هو انتقاض أو تغير الطبع الذي يظهر على الجوارح ويختلف عن السخط الذي هو شدة الكراهية وعدم الرضا. انظر كيف أخر الغضب وقدم الرجس للتهديد والوعيد ولعلهم يتوبون إلى الله.
{أَتُجَادِلُونَنِى}: الهمزة: للاستفهام الإنكاري. تجادلونني: المجادلة: الجدال؛ يعني: الحوار، والمخاصمة، لإظهار الحُجَّة، ودفع الشبهة.
{أَتُجَادِلُونَنِى فِى أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}: أتجادلونني: الهمزة: للاستفهام الإنكاري، والنون: لزيادة التوكيد، في هذه الأصنام التي سميتموها أنتم وآباؤكم آلهةً، وهي في الحقيقة مجرد أسماء لا غير.
{مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}: قيل: الحُجة القوية الواضحة وكلمة سلطان: مشتقة من السليط، وعند العرب السليط؛ يعني: الزيت، أو دهن السمسم، وكانوا يستعملون الزيت في القديم؛ لإضاءة السُّرج؛ أي: السلطان نور، أو حُجَّة تنير طريق الحق.
والسلطان: يقسم إلى: سلطان قوة، وقهر، أو سلطان حُجَّة، وبرهان؛ أيْ: ماذا نزل عليكم من حُجَّة، أو برهان، أو قوة تثبت أنها تستحق العبادة، أو هي آلهة كما تزعمون.
وقوله: {مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}: فيها توكيد أشد، وأبلغ من قوله: {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}. يوسف: ٤٠.
{فَانتَظِرُوا إِنِّى مَعَكُمْ مِنَ الْمُنتَظِرِينَ}: ثمّ هددهم بقوله: {فَانتَظِرُوا}: نزول العذاب من الله، والفاء: للتوكيد، {إِنِّى مَعَكُمْ مِنَ الْمُنتَظِرِينَ}.