سورة الأعراف ٧: ١٤١
{وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِى ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ}:
{وَإِذْ}: ظرف زمان للماضي؛ أيْ: واذكروا إذ أنجيناكم، أو حين أنجيناكم.
{أَنجَيْنَاكُم}: ولم يقل: نجيناكم، أو نجاكم؛ لأن أنجيناكم: تدل على السرعة في النجاة، والقوة، والشدة في عملية النجاة، من الغرق، وعبور البحر، أما نجيناكم، أو نجاكم؛ فتدل على طول الزمن، والبطء في عملية النجاة، كما في يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم.
{مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ}: من أتباع وأعوان فرعون.
{يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ}: يسومونكم: يبغونكم. ارجع إلى الآية (٤٩) من سورة البقرة؛ لمزيد من البيان، وسورة القصص آية (٤)، وسورة إبراهيم آية (٦١). ويسومونكم؛ تعني: يذيقونكم.
واختيرت هذه الكلمة؛ لأنها تجمع كل المعاني، ففرعون ابتغى لهم العذاب، وأذلهم وأعنتهم، وآل فرعون أذاقوهم ونفذوا فيهم سوء العذاب، وسوء العذاب: أشده وأفظعه.
والسوء: هو كل ما يغم الإنسان من أمور الدنيا والآخرة، أو يسيء إلى النفس، وسوء العذاب؛ يعني: الضرب، والشتم، والعنت إضافةً إلى {يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ}: ولم يقل: (يذبحون أبناءكم)؛ لأن الذبح نوع من أنواع القتل، ويقتلون: جاءت بصيغة المضارع؛ لتدل على حكاية الحال؛ أيْ: لإظهار بشاعة القتل، وكأنك تراه أمام عينيك.
{وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ}: من استحيا؛ أيْ: أبقاه على قيد الحياة؛ أيْ: يتركونهنَّ أحياء؛ للخدمة، وللمتعة، وللذل.
{وَفِى ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ}: ذلكم: اسم إشارة، يشير إلى البعد؛ أيْ: إلى سوء العذاب، والقتل، والاستحياء، وكذلك النجاة من الغرق، وقوله: {وَفِى ذَلِكُمْ}: ولم يقل: في ذلك، فذلكم: تفيد التوكيد، والتعدد.
{بَلَاءٌ مِنْ رَّبِّكُمْ}: البلاء: امتحان من ربكم، والبلاء، والابتلاء: يكون في الخير، والشر؛ لكي يرى أتشكرون، أم تكفرون؟ ولإقامة الحُجَّة، والإقرار عليكم.
{عَظِيمٌ}: لشدّته، وفظاعته، ليس فوقه بلاء؛ لما فيه من العذاب، والألم، وطول الزمن.