سورة الأعراف ٧: ١٥٦
{وَاكْتُبْ لَنَا فِى هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِى أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}:
{وَاكْتُبْ لَنَا فِى هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً}: واكتب: أيْ: آتِنا، وشرع لنا في هذه الدنيا حسنة. لنا: خاصَّةً في هذه الدنيا. حسنة: لمعرفة معنى حسنة ارجع إلى سورة البقرة، آية (٢٠١).
{وَفِى الْآخِرَةِ}: الجنة، والرضوان، والنعيم المقيم.
{إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ}: هاد؛ أيْ: رجع، وهدنا إلي: رجعنا إليك؛ أيْ: تبنا إليك، هذا كلام يعبر به موسى -عليه السلام- عن نفسه، وأخيه، وقومه، وخاصَّةً الذين عبدوا العجل؛ أيْ: تبنا إليك؛ فأنت أكرم من أن تردَّنا خائبين.
{قَالَ عَذَابِى أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ}: أيْ: إذا أذنب العبد ذنباً؛ فأنا أعذبه، أو أغفر له، وقوله تعالى: {عَذَابِى}: فيه تحذير شديد حيث نسب العذاب له تعالى.
{وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍ}: ورحمتي؛ أيْ: في الدنيا وسعت كلَّ شيء؛ أيْ: تشمل الطائع، والعاصي، والمؤمن، والكافر، وكل شيء خلقه، ووسعت الذنوب جميعاً؛ إذا تاب العبد، وأناب إلى ربه.
{فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}:
{فَسَأَكْتُبُهَا}: الفاء: للتوكيد، والسين: للاستقبال القريب، والكتابة؛ تعني: رحمتي أمنحها أو أوتيها، والكتابة تحصل قبل، أو قيد العطاء، أو العقد المحقق حصوله وفيها معنى العهد، والله لا يخلف عهده.
{لِلَّذِينَ}: اللام: لام الاختصاص، والاستحقاق؛ أيْ: رحمتي وسعت كل شيء في الدنيا، ولكن هذه الرحمة سوف تنتهي بالنسبة للكافرين متى توفتهم رسلنا، ولكنها رحمة مستمرة للمؤمنين، فسأكتبها في الآخرة: {لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ}: (أي: الشرك والمعاصي) بامتثال أوامر الله تعالى، وتجنب نواهيه.
{وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ}: هم: ضمير منفصل؛ يفيد: التوكيد.
{بِآيَاتِنَا}: التشريعية، والكونية، والمعجزات.
{يُؤْمِنُونَ}: يصدِّقون.
وجاءت: {يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}: بصيغة المضارع: للدلالة على الاستمرار، والتجدُّد.