سورة الأعراف ٧: ١٨٥
{أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَىْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَىِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}:
إذا لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة، لماذا لا ينظرون في ملكوت السموات والأرض؛ نظرة مشاهد، ومعتبر؛ ليروا عظيم ملكه، وقدرته، وبديع صنعه.
و {مَلَكُوتِ}: اسم لما يملكه الله من كل شيء، ولا نراه، وهو خاص بالله تعالى وحده، وهو صيغة مبالغة للملك.
والمُلك: هو كل ما تشاهده، وتراه، وتدركه، وتحسه أمامك، أما الملكوت: فهو كل ما غاب عنك، وراء الملك. ارجع إلى سورة الأنعام، آية (٧٥)؛ لمزيد من البيان.
{وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَىْءٍ}: من: استغراقية؛ أيْ: تشمل كلَّ شيء.
وكلمة شيء: نكرة؛ تشمل كلَّ شيء، ومن: تشمل كلَّ شيء، والشيء: هو أقل القليل، فلا يوجد شيء مهما كان شكله، أو نوعه، أو حجمه، أو لونه، أو صفاته؛ إلا ويعتبر آية من آيات الله سبحانه؛ الدالة على عظمة قدرته، وأنه واجب الوجود، وأنه الإله الحق، خالق كل شيء، والذي يجب أن يعبد، ويسبح، ولا يشرك به.
{وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ}:
{وَأَنْ}: تفيد التوكيد.
{عَسَى}: أداة رجاء؛ أيْ: ما بعدها، يرجى حدوثه.
{وَأَنْ عَسَى}: أصلها: وأنه عسى أن يكون قد اقترب أجلهم، وهم لا يعلمون متى سيكون.
{قَدِ}: للتوكيد، والتحقيق.
فلما لا يسارعون في النظر، أو المبادرة إلى الإيمان، بالرسول وبالقرآن، قبل فوات الأوان، فربما يموتون عن قريب، أو لعلَّ أجلهم قد اقترب.
{فَبِأَىِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}:
{فَبِأَىِّ}: الفاء: للتعقيب، والمباشرة؛ أي: استفهام، والباء: للتوكيد، والإلصاق.
{فَبِأَىِّ حَدِيثٍ}: أيْ: بعد القرآن يصدقون؛ أيْ: وإذا لم يؤمنوا بمحمد أولاً، وبما جاء به، وأنذر به، ولم يصدقوا بالقرآن، فهم لن يصدقوا، ويؤمنوا بأي حديث آخر، أو كلام آخر، وفي الكلام تحذير، وترهيب شديد.