سورة الأعراف ٧: ٢٠٢
{وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِى الْغَىِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ}:
{وَإِخْوَانُهُمْ}: إما أن تعود على الجاهلين؛ أيْ: وإخوان الجاهلين، وهم الشياطين، وإما أن تعود على الشياطين؛ شياطين الجن، وشياطين الإنس، أو تعود على شياطين الإنس من أهل الشرك، والضلال، والمعاصي؛ أي شياطين الجن يمدونهم شياطين الإنس في الغي؛ أيْ: يمدون الفجار بالضلال، والغي، أو يمدون الجاهلين بالغي.
{يَمُدُّونَهُمْ}: من فعل مد، الثلاثي، ويستعمل فعل مد الثلاثي في الخير، والشر. بينما أمد الفعل الرباعي: يستعمل في الشر خاصَّةً، ويمدهم؛ تعني: يزيدهم، يمكن لهم، يملي لهم، يمهلهم.
{فِى}: أيْ: هم أصلاً في الغيِّ، ويمدونهم في غيٍّ جديد؛ إضافةً إلى غيِّهم السابق. ارجع إلى سورة الحجر، آية (٤٢)؛ لمزيد من البيان.
{الْغَىِّ}: ضد الرشد، وأصل الغي: الفساد، وغوى: ضل عن الحقيقة، أغواه: أفسده، وأضله بالوسوسة، والتزيين، وكذلك تعني: المعاصي، والضلال، والجهل، والباطل من قول، وعمل.
{ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ}: ثم: لا تدل على الترتيب، والتراخي هنا، وإنما تدل على التباين، بين الإمداد، والتقصير، والتقصير: أعظم من الإمداد.
{لَا يُقْصِرُونَ}: من التقصير، لا يكفون، أو يتوقَّفون، أو لا ينتهون، أو لا يمسكون عن إغوائهم؛ خوفاً من أن يعودوا إلى رشدهم، ودينهم.
ولا بُدَّ من مقارنة هذه الآية، مع الآية (١٥) من سورة البقرة.
سورة الأعراف، الآية (٢٠٢): {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِى الْغَىِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ}.
سورة البقرة، الآية (١٥): {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِى طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.
في آية سورة البقرة: أسند الله سبحانه المد إلى ذاته، فالله يمدهم في طغيانهم؛ الذي هم بدؤوا به، وأرادوه لأنفسهم، ولم يمدَّهم في طغيان جديد، لم يفعلوه.
في آية سورة الأعراف: أسند المد إلى الشياطين؛ فهم يمدونهم في غيٍّ جديد؛ إضافةً إلى الغي الذي هم بدؤوا به.