سورة الأنفال ٨: ٦٧
{مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِى الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}:
أسباب النّزول: نزلت هذه الآية في أسرى بدر.
{مَا كَانَ}: ما: النّافية. كان: تعني: «ينبغي»؛ أي: ما كان ينبغي أو يصح.
{لِنَبِىٍّ}: اللام: لام الاختصاص، والتّوكيد، نبي: نكرة، ومعنى ذلك: ما صح لأيِّ نبيٍّ من الأنبياء بما فيهم أنت يا محمّد -صلى الله عليه وسلم-: أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض، وأما لو قال: يا أيها النّبي، أو ما كان للنبي؛ لدلَّ ذلك على المعرفة، ولكانت الآية خاصَّةً به -صلى الله عليه وسلم-.
{أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى}: أن: حرف مصدري؛ يفيد التّعليل، والتّوكيد.
{أَسْرَى}: جمع أسير: وهو الّذي يقبض عليه من العدو، ويشد عليه بإسار: وهو القيد من الجلد، أو الحديد، هناك فرق بين أسرى، أو أُسارى: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ} البقرة: ٨٥. ارجع إلى الآية (٨٥) من سورة البقرة؛ لمزيد من البيان.
أسرى: جميع أسير، وأُسارى: جمع أسرى، فأسارى: جمع الجمع. وقيل: الأسرى: الذين في اليد، وأسارى: الذين هم في القيود.
{حَتَّى يُثْخِنَ فِى الْأَرْضِ}: حتّى: حرف غاية، وتشير إلى نهاية الغاية، وهي يثخن في الأرض؛ أي: تصبح له شوكة، وقوة عظيمة عندها يصح أن يأخذ أسرى بدلاً من قتلهم؛ أيْ: كان الأصح، والصّواب هو قتل المشركين الكفار يوم بدراً بدلاً من أسر السّبعين رجلاً، ثخن الشّيء: غلَظ وصلب، فهو ثخين؛ كقوله تعالى: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْـئَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} الفتح: ٢٩.
{تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا}: تريدون المال، أو متاع الدّنيا الزّائل الفاني، ويعني هنا: الفداء فداء أسرى بدر بالمال.
{وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}: والله يريد لكم الجنة، والنّعيم المقيم، فلا تبدلوا الأعلى بالأدنى، ولم يقل تعالى: والله يريد عرض الآخرة؛ لأن العرض يزول والآخرة متاعها خالد لا يزول.
{وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}: قوي، عزيز، لا يُغلب، ولا يُقهر، ممتنع لا يضره أحد من خلقه، حكيم في تدبير شؤون خلقه، وكونه، وحكيم فيما يشرعه لكم؛ لأنّه هو الحاكم، وهو أحكم الحكماء، وأحكم الحاكمين. ارجع إلى الآية (١٢٩) من سورة البقرة؛ لمزيد من البيان.