سورة التوبة ٩: ٣١
{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}:
{اتَّخَذُوا}: جعلوا، أو صيروا.
{أَحْبَارَهُمْ}: جمع حبر: وهو العالم عند اليهود.
{وَرُهْبَانَهُمْ}: جمع: راهب، وهو العابد عند النّصارى، المنقطع لعبادة الرّب؛ أيْ: عُبادهم، والعالم عند النّصارى يسمَّى قسيساً، كما قال تعالى: {بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا} المائدة: ٨٢.
{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا}: أرباباً: جمع رب، واتخذوا: لا يعني أنّهم يقولون لكل حبر وراهب رب، ولكن المعنى هنا: أطاعوهم، كما أطاعوا الرّب الإله الخالق في التّحليل، والتّحريم، والتّعظيم؛ أيْ: عظموهم، كما يعظمون الرّب بالدّعاء، والذّكر، والثّناء.
{مِنْ دُونِ اللَّهِ}: من غير الله، أو سواه.
{وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ}: أي: اتخذوا المسيح ابن مريم رباً؛ حين قالوا: المسيح ابن الله، أو ثالث ثلاثة.
{وَمَا أُمِرُوا}: الواو: حالية؛ تفيد التّوكيد، أمروا: في كتبهم في التّوراة، والإنجيل، وما جاءت به رسلهم.
{إِلَّا}: أداة حصر.
{لِيَعْبُدُوا}: اللام: لام التّوكيد، العبادة: لا تكون إلا للخالق، وهي الخضوع، والطّاعة مع المعرفة بالمعبود. ارجع إلى سورة النحل، آية (٧٣)؛ لبيان معنى العبادة.
{إِلَهًا وَاحِدًا}: الإله: المعبود، واحداً: توكيد، والواحد؛ تعني: المتفرِّد بالذّات، والذي لا يتجزأ، فلا شريك له، ولا يصبح اثنين، أو ثلاثة، أما الأحد: فهو الّذي لا شبيه، ولا نظير، ولا مثيل، ولا ثاني له.
{لَا}: النّافية للجنس.
{إِلَهَ}: معبود بمعنى: مألوه على وزن مفعول؛ لا معبود بحق في الوجود إلا هو.
{إِلَّا}: أداة حصر.
{هُوَ}: ضمير فصل يفيد التّوكيد.
قوله: {لَا إِلَهَ}: للنفي. إلا هو: للإثبات، أو توكيد النّفي.
فقوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}: جمعت النّفي، والإثبات معاً. ارجع إلى سورة البقرة، آية (٢٥٥)؛ لمزيد من البيان.
{سُبْحَانَهُ}: أيْ: أصفه بكل كمال، وأنزهه عن كل نقص، وشرك، وعجز، وما لا يليق به؛ تنزيهاً لذاته، وصفاته، وأفعاله؛ فلا ذات مثل ذاته، ولا صفة مثل صفاته، ولا فعلاً مثل أفعاله. ارجع إلى سورة الإسراء، آية (١)؛ لمزيد من البيان.
{عَمَّا}: عن: تفيد المجاوزة، والابتعاد، ما: مطلقة للعاقل، وغير العاقل، ما: حرف مصدري.
{يُشْرِكُونَ} بالله، يشركون بصيغة المضارع؛ لتدل على التّجدد، والتّكرار، وأنّهم مستمرون في شركهم بقولهم المسيح ابن الله، أو عزير ابن الله، أو الملائكة بنات الله، أو يتخذون من دونه أولياء، أو يتخذون الأصنام، والأوثان آلهة يُعبدون.
سورة التّوبة الآيات ٣٢ - ٣٦