سورة التوبة ٩: ٨١
{فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِى الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}:
{فَرِحَ}: الفرح: هو شعور النّفس بالسّرور، وهو فرح مذموم. ارجع إلى سورة آل عمران آية (١٧٠) لبيان أنواع الفرح.
{الْمُخَلَّفُونَ}: منهم المنافقون، والّذين تخلفوا، ولم يخرجوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى تبوك، وبقوا في المدينة.
{بِمَقْعَدِهِمْ}: بقعودهم، المقعد: هو مكان القعود، والقعود يعني: البقاء في المكان.
{خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ}:
١ - خلاف: قد تعني: بعد خروج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تصبح الآية: فرح المخلفون بمقعدهم بعد خروج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى تبوك.
٢ - وخلاف: قد تعني: فرح المخلفون بمقعدهم مخالفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ أيْ: قعدوا لمخالفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
٣ - وخلاف: قد تعني: أنّهم تأخروا عن الجهاد.
وقد تعني كل هذه المعاني.
{وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِى الْحَرِّ}: وقالوا: لا تنفروا في الحر؛ إذن: هم فرحوا أولاً بمقعدهم، وكرهوا الجهاد ثانياً، وثالثاً: لم يكتفوا بموقفهم المخزي، بل أخذوا يحرِّضون المؤمنين على عدم الخروج، والجهاد، والقتال في سبيل الله، وقالوا لبعضهم بعضاً: لا تخرجوا بسبب الحر الشّديد؛ أيْ: إيثاراً للراحة، وعدم التّعرض للحر الشّديد، والشّدة.
{قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}: الله سبحانه علم ما قالوا لبعضهم بعضاً: لا تنفروا في الحر؛ فردَّ عليهم: قل لهم يا محمد -صلى الله عليه وسلم- نار جهنم أشد حراً.
{لَّوْ}: شرطية.
{كَانُوا يَفْقَهُونَ}: والفقه: الفهم؛ فهم الأحكام الشرعية؛ فالتّدرج يكون كما يلي: التّفكر، ثمّ التّدبر، ثمّ الفقه، ثمّ العلم. ارجع إلى سورة النساء آية (٧٨) للبيان المفصل في يفقهون.