سورة التوبة ٩: ١٠٩
{أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}:
{أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ}: أفمن: الهمزة استفهامية؛ للتقرير.
{أَسَّسَ بُنْيَانَهُ}: أيْ: أقام بنيانه؛ أي: القواعد، أو ما يسمَّى الأساس، والبنيان يختلف عن البناء، البنيان؛ يعني: بناء قوي ثابت يدوم قروناً طويلة؛ مثل: الأبنية التّاريخية، والأهرامات، أما البناء: فقد يكون غير ثابت، والبناء له ميزة التّغيُّر، والتّحوُّل.
{عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ}: انتبه إلى الاستعارة؛ حيث شبه الإيمان بالبنيان والتّقوى ورضوان الله بقواعد البناء، أو الأسُس للبناء؛ كالأرض الصلبة الصّخرية الّتي يقوم عليها البناء، والتّقوى: هي امتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه.
{أَمْ مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ}: أم: للإضراب الانتقالي، والاستفهام.
{أَسَّسَ بُنْيَانَهُ}: شبه المسجد المبني على الضلال ببنيان قائم على شفا جرف هار.
{عَلَى شَفَا}: من الأرض الّتي يصنع البحر لها سطح، وليس لها قاعدة.
{جُرُفٍ}: الجزء المتآكل، أو ما ينجرف بالسّيول، وهو جانب الشّط.
{هَارٍ}: مشرف على السّقوط غير متماسك.
{فَانْهَارَ بِهِ}: به: تعود على الباني، أو البنيان سقط بالباني، والبنيان، وهذا تمثيل للبناء، أو المسجد الّذي يقوم على الكفر؛ فانهار به في نار جهنم, وهكذا شبه الإيمان بالبنيان القائم على أسس متينة صلبة, والكفر والضلال على أسس متصدعة متداعية؛ فهو قد جسد المعنويات في صور المحسوسات بصورة متكاملة في الإعجاز البياني في صورة الاستعارة.
{وَاللَّهُ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}: الظّالمين: بالنّفاق، ولم يريدوا الهداية، واختاروا الضّلال، والنّفاق. ارجع إلى الآية (١٩) من نفس السّورة؛ للبيان.