سورة يونس ١٠: ٧
{إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ}:
{إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا}: إنّ: لتوكيد الّذين؛ لا: النّافية؛ لا يرجون: لا يودون، أو لا يتوقَّعون لقاءَنا؛ أيْ: لقاء الله سبحانه، والعرض عليه يوم القيامة، والرّجاء هنا؛ يعني: الشّك، والظّن، والخشية، والخوف؛ أيْ: يشكون، أو لا يتوقَّعون، وربما يخشون، ويخافون لقاءَنا.
{لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا}: أيْ: أمثال هؤلاء الّذين لا يؤمنون بالبعث، والحشر، والقيامة، والدّار الآخرة، والجنة والنّار، ولا يؤمنون بثواب، ولا بعقاب؛ بما أنّهم لا يؤمنون بالبعث، والجزاء، والحساب؛ فهم لا يستعدون لذلك، أو يهيِّئون أنفسهم بالإيمان، وبالعمل الصّالح؛ فهم لا يخافون العاقبة، وسوء اللقاء، وقال سبحانه: (لقاءَنا)، ولم يقل: لقاء الآخرة؛ للتنبيه، والتّحذير لهؤلاء. ارجع إلى سورة الفرقان، آية (٢١)؛ لمزيد من البيان في معنى: لا يرجون.
{وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا}: أي: اكتفوا بالحياة الدّنيا، ولم يرغبوا بالآخرة، أو يفكروا بآخرتهم، أو هم آثروا الدّنيا على الآخرة.
{وَاطْمَأَنُّوا بِهَا}: ارتاحوا، وأخلدوا إلى دنياهم، وفرحوا بها.
وقصروا همهم، وغايتهم على لذائذ الدّنيا وزخارفها، فكان ذلك مبلغهم من العلم. والرضا: هو اطمئنان القلب إلى أمر فيه نفع.
{وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ}: الغفلة: هي ترك الشّيء، وذهابه عن فكر الإنسان، ولم يعد يخطر على باله، أو يتذكره رغم رؤيتهم لآيات الله سبحانه الكونية، أو القرآنية، وسماع تلك الآيات؛ فهي تمر عليهم كأن لم تكن لا يتيقَّظون بها، وكأنهم خشب مسندة لا يتعظون بها، فهؤلاء الّذين فرحوا بالحياة الدّنيا، واطمأنوا بها؛ أصبحوا في منزلة الغافلين عن الآخرة، أو عما هو مطلوب منهم.
{هُمْ}: ضمير فصل؛ يفيد التّوكيد.
وكان يكفي القول: والذّين عن آياتنا غافلون. ارجع إلى سورة البقرة، آية (٧٤)؛ لمزيد من البيان في معنى: غافلون.